غزة / 3 / 5 / 2017 / نظم بيت الصحافة – فلسطين ، اليوم الاربعاء حلقة نقاش بعنوان " وسائل الاعلام محفز للسلم والتفاهم المتبادل" بالشراكة مع منظمة اليونسكو ومكتب المفوض السامي وذلك ضمن برنامج شبكات الشباب المتوسطي الممول من الاتحاد الاوروبي ومكتب المفوض السامي لحقوق الانسان، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.
وحضر حلقة النقاش عدد من الصحفيين والصحفيات العاملين في الوسط الاعلامي وكتاب ومحليين سياسيين واعلاميين جدد.
ورحب رئيس مجلس إدارة بيت الصحافة بلال جاد الله بالحضور ، مؤكداً ان الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة يأتي في وقت تعاني منه الصحافة الفلسطينية من مخاطر عديدة أبرزها وأخطرها الاحتلال الاسرائيلي الذي يمعن في إسكات الحقيقة ويمنع الصحفيين من التنقل والحركة وكذلك يمنع إدخال معدات السلامة المهنية للصحفيين الفلسطينيين.
وقال جاد الله في كلمته ان العشرات من الصحفيين استشهدوا من أجل نقل الحقيقة للمواطنين بكل شفافية وموضوعية.
وشدد جاد الله كذلك على ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي لما له من تأثير على الرسالة الاعلامية التي يجب ان تتسم بالاستقلالية والمهنية ، معرباً عن أمله بان يتم انهاء هذا الانقسام في أقرب وقت.
من جهته عبر ممثل اليونسكو في فلسطين د. لودوفيكو فولين كالابي عن سعادته بالاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة ، مبيناً ان اليونسكو تجلس مع وسائل الاعلام لمعرفة كيفية الدفاع عن حق الرأي والتعبير.
وقال إن العالم أجمع يحتفل باليوم العالمي للصحافة هذا اليوم ، ونحن هنا نجلس للنقاش مع وسائل الإعلام كافة لمعرفة كيفية الدفاع عن حرية التعبير، وأن تكون الصحافة مهنية لدعم وسائل حقوق الكلمة .
وتابع :" نريد صحافة تساهم في تعزيز حرية الرأي والتعبير والتغلب على مصاعب العالم الجديد وتحقيق الاستقلالية والمهنية".
وأضاف :" مع تزايد أزمات قطاع غزة نحتاج الى إعلام مهني ومستقل من أجل تخفيف هذه الأزمات".
وأشار الي ان الاعلام لا يجب ان يكون مصدر معتمد على المعلومات بل يجب ان يكون هناك تعددية للأصوات من أجل نشر ثقافة التسامح والحوار.
وأوضح ان اليونسكو تعقد لقاءات في غزة والضفة لمناقشة مناهج التدريس ، معبراً عن أمله بان يتم دعم المناهج التي يتم تدريسها.
الجلسة الأولى
وبدأت الجلسة الأولى لحلقة النقاش والتي حملت عنوان " دور وسائل الاعلام في نشر التسامح والسلم المجتمعي" بإدارة الاعلامية حنان المصري ومشاركة كلا من الاستاذ والمحلل السياسي هاني حبيب والدكتور وائل عبد العال رئيس قسم الاعلام وتكنولوجيا الاتصال بالكلية الجامعية والاعلامية ماجدة البلبيسي.
وأكد هاني حبيب ان الاعلام لم يعد مجرد اداة للنشر بل اكثر قدرة على التأثير على وعي الجمهور المتلقي(..) مبيناً ان تركيز وسائل الاعلام على نبذ التعصب والتحريض على العنف والمواجهة ، يسهم على تقبل الاخر و الحوار معه رغم الاختلاف في الرأي ، باستخدام لغة متسامحة و نشر ثقافة تحريم الكراهية و اثارة النعرات المتعصبة .
وأشار حبيب الى ان بعض وسائل الاعلام تلجأ للتركيز على عناصر الإثارة المفتعلة وعلى الخلافات والاختلافات والتناقضات وإثارة كوامن الكراهية والحقد بغية الوصول الى أكبر عدد من المتابعين(..) مبيناً ان هذا الأمر يؤدي الى المزيد من الانقسامات والنزاعات التي قد تقود الى الفتن و الصراعات
وأوضح ان تفويت الفرصة على مثل هذه الوسائط من خلال سن القوانين وقيام اخيرة القضاء بدورها من شأنها الحد في هذا الدور و تأثيرات السلبية على السلم المجتمعي .
وقال حبيب:" للوصول الى رسالة متسامحة ، على وسائط الاعلام البحث عن كل ما يجمع ولا يفرق ، وهناك العديد من القيم المتماثلة و المتشابهة الجامعة مهما اختلفت اراء و حتى الايديولوجيات والعقائد ، والبحث عنها وتأكيد حضورها باعتبارها هي التي توحد المجتمع على اهدافه المشتركة و سبل الوصول اليها ، مهمة بالغة الاهمية ينبغي أن تظل هدف دائماً لهذه الوسائط .
بدوره أشار الدكتور وائل عبد العال الى الدور الخطير لوسائل الاعلام الفلسطيني في هذه الانقسام وتعزيزه وتغذيته واسهامه المباشر ليس فقط في الانقسام السياسي بل في احداث شرخ اجتماعي كبير بين ابناء الشعب وإلحاق ضرر بالغ في المشروع الوطني وهذا ناتج بشكل اساسي عن تحول وسائل الاعلام الفلسطينية لأدوات دعاية ودعاية مضادة للحركات والاحزاب السياسية بدلاً من تأدية رسالتها السامية في نقل الحقيقة وايصال صوت الشعب وقضيته العادلة الي العالم.
وأكد ان هذا الواقع ادى بشكل مباشر الى تمزيق الجسد الاعلامي وانحرافه الى منزلق خطاب الكراهية والتحريض وتغييب لغة الوحدة والسلم المجتمعي "الا في بعض المواسم".
ودعا عبد العال جميع العاملين في الصحافة والاعلام لتعلم التسامح والتعايش والسلم المجتمعي ، مبيناً ان الضامن الاساسي لتعزيز هذه القيم هو الالتزام بأخلاقيات مهنة الصحافة التي تضع بالضرورة محددات العمل الصحفي والمهني وتضمن عدم تحول وسائل الاعلام الى أبواق دعائية للأحزاب والفصائل وتمنع خطاب الكراهية والتحريض.
وطالب بنشر الوعي حول مخاطر خطاب العنف والكراهية خصوصاً على شبكات التواصل الاجتماعي ، وصياغة وثيقة شرف إعلامي تلتزم بها كل المؤسسات الاعلامية الفلسطينية على قاعدة ترسيخ مفهوم التسامح والسلم المجتمعي ونبذ خطاب الكراهية والعنف والتعصب.
كما دعا عبد العال وسائل الاعلام الفلسطينية عموماً والحزبية على وجه الخصوص لعدم التماهي مع الخطاب السياسي المتوتر للأحزاب وتقديم نموذج وحدودي بعيدً عن لغة التعصب والخوف من الاخر وتخوينه.
وقال:" نحن بحاجه الى اعلام يعيد تشكيل الوعي باتجاه القضايا الوطنية الجوهرية الغائبة عن المشهد الاعلامي الفلسطيني.
من جهتها دعت الإعلامية ماجدة البلبيسي لسن قانون ملزم للقنوات ووسائل الاعلام المختلفة، لان تنامي هذه الخطابات أو حتى وجودها يمثل سهم مسموم في صدر الأمة، يصعب أن تتعافى منه إلا بعد أن تدفع فاتورة باهظة الثمن من دماء الشعب وأمواله وأمنه واستقراره.
وقالت البلبيسي ان المساهمة في نشر الوعي للأفراد كافة في مقاومة للتطرف، وغالبية الناس تتأثر بما يبث عبر القنوات، ثم لابد من ضبط وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق قانون يجرم خطابات الكراهية وإثارة النعرات؛ كونها تهدد السلم الأهلي.
وأضافت :" لابد من تقديم المصلحة العامة للمجتمع والأمة على المصلحة الشخصية والأرباح المادية والمعنوية. فإذا تمت المحافظة على روح الوحدة ولو بأعداد مشاهدة أقل وأرباح أقل ستكون الفائدة التي تعود على المجتمعات أكبر".
وطالبت بتقديم خطاب يقوم على العقل والمنطق والدين ويبعد أفكار التعصب وإلغاء الاخر ، وكذلك تقديم جائزة للوسيلة الاعلامية التي تتميز بخاطبها التسامحي ، أو البرنامج الذي يغلب عليه نشر روح التسامح.
الجلسة الثانية
اما في جلسة النقاش الثانية والتي حملت عنوان " الصحافة الكاذبة وخطاب الكراهية" والتي أدارها الدكتور ماجد تربان عميد كلية الاعلام بجامعة الاقصى وشارك فيها كلا من الاستاذ صابر النيرب مسؤول حقوق الانسان في مكتب المفوض السامي والاستاذ أكرم عطا الله المحلل والكاتب السياسي والاعلامية رولا عليان المحاضرة في جامعة فلسطين.
وقال صابر النيرب أنه في العقود الأخيرة أصبح موضوع حقوق الإنسان ، يغطي حيزا واسعا من التغطية الإعلامية و ذلك لمجموعة من العوامل المهمة وهي :ان العديد من الحكومات و المؤسسات الدولية تدخل معايير حقوق الإنسان في إطار سياساتها العامة ، وكذلك ظهور العديد من المؤسسات المحلية و الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان ، إضافة لظهور العديد من الأزمات الإنسانية و الصراعات المحلية و الدولية ذات الصلة بموضوعات حقوق الإنسان.
واوضح النيرب ان حرية الرأي والتعبير كانت ولا زالت من الدعائم الأساسية لتطور ونمو المجتمعات الديمقراطية(..) مبيناً ان الخطاب التحريضي للحض على الكراهية والعنف هو غير شرعي ومحظور وفقاً للمفهوم الدولي لحرية الراي والتعبير ويجب مكافحته واعتباره يخرج عن حدود حرية الراي والتعبير ولا يستتبع أي حماية له .
وقال النيرب :" لكي تلعب وسائل الإعلام دوراً إيجابياً في نشر ثقافة و حماية حقوق الإنسان لا بد من العمل بشكل حثيث على تحقيق استقلالية وسائل الإعلام ، ورفع درجة المهنية في العمل الإعلامي ، وتحصين الإعلاميين وتأمين الحماية لهم وإيجاد المناخ القانوني الملائم والعمل على ترسيخ أخلاقيات وأدبيات المهنة الإعلامية بما يتطابق مع مبادئ و قيم حقوق الإنسان وكذلك إنشاء مراكز تدريب متخصصة ومتابعة دورات تدريبية والاطلاع على تجارب المجتمعات الأخرى.
من جانبه قال الكاتب أكرم عطا الله إن:" الخطاب وخصوصا حين يكون محملا بالكراهية الذي تدعمه جهات تمتلك من الإمكانيات ما يمكنها من فتح حروب إبادة لا تنتهي ، يشكل خطورة كبيرة على الاستقرار بل ويقف حائلا دون تكوين مجتمع حقيقي يلعب الفرد فيه دوره الايجابي لصالح المجموع ويمنع من تكوين دولة لكل أفرادها".
وأوضح عطا الله ان خطاب التحريض والكراهية كان واحدا من الأدوات التي أدت إلى الانقسام وهنا فإن معالجة الأمر تبدو ضرورية من خلال الاحتكام للقانون فلا يمكن أن يترك الأمر للمزاج الحزبي بل يجب إيجاد جهة قادرة على التقرير بمضمون الخطاب والحكم عليه.
ودعا الى تشكيل لجنة مشتركة من الصحف " لجنة محررين تجتمع شهريا تراقب مضمون الخطاب الاعلامي" وكذلك رعاية دورات تدريبية لصحافة الأحزاب لرفع مستوى المهنية لديهم ليكون أعلى من مستوى الحزبية ولتبيان الفرق بين الصحافة والإعلام وبين الدعاية.
وطالب عطا الله بتشكيل لجنة محايدة من كبار الصحافيين عبارة عن لجنة مراقبة للفصل وللحكم على المواد المنشورة وإرسال ملاحظات للصحيفة بشكل دائم وهي لجنة لاستقبال شكاوى الخصوم في المنازعات .. لجنة أخلاقية بلا صلاحيات فقط وظيفتها تنبيهية إرشادية.
بدورها أوضحت المحاضر بجامعة فلسطين الاعلامية رولا عليان أنه لا يوجد تعريف محدد وواضح لمفهوم خطاب الكراهية لكنه بالمقابل خطاب يعمل على بث الكراهية والتحريض على النزاعات والصراعات الطائفية والتحريض على إنكار الآخر وانسانيته وتهميشه ونشر الفتنة واتهام الطرف الاخر بالخيانة والفساد.
وبينت عليان ان الصحافة الكاذبة تعد أخطر الوسائل المستهدفة للعقل البشري وأصبحت أشد خطورة عبر التطور التكنولوجي الهائل والمتسارع وانتشار الاعلام الالكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي.
وأشارت الى ان الاعلام الاسود يعتمد على مجموعة آليات لتحقيق أهدافه ومنها تزيف الآراء وتحريفها لصالح اتجاه معين وكذلك غياب المصادر الموثوقة واعتماد مصادر سرية أو وهمية أو مجهولة والصمت عن قضايا تخص الرأي العام وعدم كشفها أو توضيحها إضافة للتضخيم والمالغة عن الحديث للوصول الى التعبئة الاعلامية بحجم الكارثة ما يؤدي لإشعال الحروب النفسية.
وقالت عليان :" في فلسطين لا بد ان ندرك ان خطاب الكراهية جزء من الواقع الفلسطيني وهو على مستويين الأول بمستوى الخطاب الاسرائيلي الموجه بحق الفلسطينيين والثاني خطاب الكراهية الداخلي الفلسطيني".
ودعت عليان تطوير خطاب إعلامي بديل يدعو الي الوحدة والتعاون والانفتاح على الاخر ويعزز قيم التسامح والوسطية لا سيما عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
كما دعت لدعم الصحافة المستقلة(غير الحزبية) لتقوم بدورها الحقيقي بكل نزاهة وموضوعية وسن تشريعات بتجريم خطاب الكراهية وتفعيلها على أرض الواقع.
وقالت عليان:" يجب القيام بجد كبير لجهة وضع تعريفات محددة لخطاب الكراهية وحرية التعبير وكيفية التمييز بينهما وتوعية الجمهور بهذه التعريفات".
كما طالبت برفع مستوى الوعي بظاهرة خطاب الكراهية عبر الانترنت خاصة فئة الشباب والقيام بجهد رقابي منظم لا يمنع حرية التعبير المشروعة وإنما يمنع التعليقات والنقاشات التي تحمل في طياتها مواد مثيرة ومعززة لخطاب الكراهية والاعلام الأسود.