غزة - بيت الصحافة
اختتم بيت الصحافة – فلسطين، يوم الأربعاء 13 سبتمبر 2023، البرنامج التدريبي "الصحفيات الفلسطينيات والسياسة" بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية.
للإطلاع على مخرجات البرنامج التدريبي أسفل:
قيادة القضية الفلسطينية.. هل حان الوقت لضخ دماء جديدة؟ - دعاء حسونة
نعم، يجب أن نعترف بالإخفاق المزمن الممتد لأكثر من خمس عشرة سنة في قيادة القضية الفلسطينية والصراع الداخلي المرير الذي اشتعلت جذوته منذ توقيع اتفاقية "أوسلو" قبل ثلاثين عامًا، والذي يعود إلى حقيقة أن القيادات المتحكّمة في القرار السياسي في المنظمات الفلسطينية، على رأسها "فتح" و" حماس "، لا تُبدي أي استعداد لتغيير وضع الانقسام القائم، وترفض التنازل عمّا اكتسبته من مصالح ومكاسب وعلاقات إقليمية ودولية لصالح إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية أو التوصل لاستراتيجية تحرّر وطني موحدة لمواجهة الاحتلال وإيقاف استشراء الاستيطان وسياسة الفصل العنصري البغيضة، حيث يبدو أن ذلك لم يعُد مطروحًا في أجنداتها.
ولكن ماذا يمكن أن يترتب على سد أي طريق أمام تغيير الوضع القائم، بخلاف تسهيل مهمة افتراس مزيد من الأراضي وحصد مزيد من الأرواح على يد الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه؟
أعتقد إن المهمة التاريخية المطروحة على الفلسطينيين في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين لم تعد إعادة ترميم الحركة الوطنية التي أُسست منذ منتصف ستينيات القرن الماضي فحسب، بل بناء حركة وطنية فلسطينية جديدة قادرة على الاستفادة من كافة المنجزات الوطنية والمؤسسية، على أن تتحلى برمزية سياسية وتاريخية كبيرة وتتمتع بوضع قانوني دولي جيد، تمامًا مثل منظمة التحرير، لكن يجب أن يكمن الفرق بينهما في قدرة تلك الجديدة على تجاوز كل التراكمات القديمة التي باتت تهدّد الوجود الفلسطيني.
لقد برهن الاجتماع الأخير في العلمين على أن القيادات الفلسطينية القديمة باتت جزءًا أصيلًا من المشكلة وليس الحل؛ حيث تعمّد كل قطب من القطبين الرئيسيين فيه، "فتح" و"حماس"، مطالبة الطرف الآخر بمطالب تعجيزية، وذلك على الرغم من علمهما المسبق من أن هذا الطرف المقابل لا يمكنه قبولها، فضلًا عن إدراكهما أنهما لا يملكان القدرة من الأصل، على فرض هذه المطالب على الطرف الآخر! وبالتالي بات واضحًا أن الهدف الحقيقي لديهما هو أن يبقى الوضع الفلسطيني القائم على ما هو عليه، برأس مزدوج يتسبب في شلّ حركة الجسم الفلسطيني.
على سبيل المثال، كان من المُستغرب أن يقوم الرئيس "أبو مازن" بمطالبة "حماس" بإنهاء سيطرتها على غزة والاعتراف باتفاقية "أوسلو" بكل ما تتضمنه من اعتراف بإسرائيل والقبول فقط بالمقاومة السلمية، في مقابل وعد بإجراء الانتخابات، والذي سرعان ما تراجع عنه عندما قال إن "إجراء الانتخابات لن يكون بقرار منه، بل هو قرار مرهون بالضغط الأمريكي على إسرائيل كي تقبل بإجرائها في القدس أيضًا".
وفي المقابل، طالبت "حماس" الرئيس أيضًا بإجراء الانتخابات وإعادة بناء منظمة التحرير، بينما هي على يقين من أنه، على الرغم من صحة ذلك من الناحية الديمقراطية، إلا أن "فتح" لن تُقدِم حاليًا على خطوة الانتخابات، كما أنها لن تقوم بدمج "حماس" أو "الجهاد الإسلامي" في المنظمة وهي تعلم أن شعبيتها كسلطة لدى الفلسطينيين لم تعد في أفضل مستوياتها.
ولم تكتفِ هذه القيادات القديمة بإهدار فرصة تطوير مكاسب القضية الفلسطينية إلى حركة عالمية تدعم النضال الفلسطيني وتضع إسرائيل في الزاوية، بل زادت عليها بإخفاقها في الاستجابة للتحديات المصيرية التي تهدّد القضية الفلسطينية؛ إذ أظهرت مستويات منخفضة من النضج السياسي والشعور بالمسؤولية برد فعلها الفاتر على المشروع الذي تسعى إدارة "بايدن" من خلاله لتحقيق انتصار دبلوماسي تستخدمه كورقة رابحة تلوّح بها لعام الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ألا وهو إبرام اتفاقية التطبيع بين السعودية وإسرائيل، والذي سيكون ثمنه، كالعادة، على حساب فلسطين والفلسطينيين، كما هو الحال منذ اتفاقية "كامب ديفيد" وصولًا إلى "اتفاقات أبراهام".
هذا الثمن هو مجرد وعد قطعته إسرائيل بتأجيل مؤقت لإعلانها بشكل رسمي عن الضم الكامل للضفة الغربية، دون أن تتضمن الصفقة المطروحة أي حديث يتعلق بانسحابها بالكامل إلى ما قبل حدود ٦٧ أو استعادة القدس. هي وعدت فقط بتجميد مؤقت للاستيطان وعمليات الضم، لتقوم بعده بالاستيلاء على الأجزاء المتبقية من الضفة الغربية والقدس، مع الإبقاء على الحصار والعزلة اللذين يطوّقان قطاع غزة.
وقد زادت هذه القيادات القديمة الطين بلّة عندما أخفقت في الاستفادة من مكسب كبير، ألا وهو التطور الكبير الذي شهده الوعي الجمعي الفلسطيني في السنوات الأخيرة، والذي تمثل في ثقة الشعب الفلسطيني باستراتيجيات الصمود والتشبث بالأرض ورفض اقتلاعهم وتهجيرهم منها من جهة، والتمسك بخيار المقاومة -بكل أشكالها- للرد على العدوان اليومي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي عليهم من جهة ثانية. وإن أكثر ما يميز هذا الوعي هو أن من يقوده هم من الجيل الجديد من الشباب الفلسطيني، الذي نفض يده تمامًا من جميع الأساليب والاستراتيجيات البالية التي عفا عليها الزمن في قيادة القضية الفلسطينية.
بالنظر إلى جميع المعطيات السابقة، فبالإضافة إلى التغيرات التي يشهدها المشهد الفلسطيني، بما في ذلك التفكك الذي شهدته ثنائية ونديّة "فتح/حماس" نسبيًا في المشهد الفلسطيني، وتصاعد تأثير الجيل الفلسطيني الجديد المنحاز لخيار المقاومة في قيادة زمام المبادرة على الأرض، في تحدٍ للتنسيق الأمني المستمر بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، فإن كل ذلك ينذر بنهاية حركات فلسطينية وانقضاء مرحلة في القضية الفلسطينية واندثار القيادة الفلسطينية القديمة لصالح ضخ دماء جديدة في قيادة القضية الفلسطينية، لتبدأ مرحلة تاريخية ناصعة بقيادة حركة تحرّر فلسطينية تقودها أجيال شابة تتحلى بمخزون أكبر من الوعي والحزم.
ولكن من أين يمكن البدء؟ أعتقد أن أي محاولة لبناء قيادة فلسطينية جديدة يجب أن تنطلق من استخلاص الدروس من جميع المحاولات السابقة في هذا الصدد. كما يجب أن تبدأ أولًا بترسيخ البنية التحتية الاجتماعية وتنظيمها على أساس أولويات ومصالح الفئات الاجتماعية الأكثر تضررًا، سواءً كان ذلك بسبب السياسات التي ينتهجها الاحتلال، أو تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنها، أو استمرار حالة الانقسام وما تخلّفه من ظواهر خطيرة.
وفي إطار ربط أهداف التحرر الوطني مع متطلبات البناء الديمقراطي ومهمات حفظ النسيج الاجتماعي من خطر التفكك الذي يهدّده، تتزايد الحاجة لبلورة رؤية واستراتيجية نضالية جديدة، مع الاستعانة بمختلف التوجهات والشخصيات الوطنية والديمقراطية بهدف مساندة تلك التحالفات والحراك الشبابي لبلورة وإنضاج هذه الرؤية الجامعة وتوحيد جهودها في إطار عام وفقًا للمعايير التي تحددها. وإن التصدي للتحديات التي قد تواجه بناء حركة التحرّر الوطنية الجديدة هذه يتطلب البدء مع التحلّي بالمثابرة لإعادة التنظيم وبناء القواعد الاجتماعية لهذه الحركة. ويجب أن يتم ذلك بدءًا من القاعدة وصولًا إلى رأس الهرم، للتأكد من تطبّع الحركة منذ البداية بسمات الطابع الشعبي والديمقراطي الذي سبق وتميزت به مكونات الحركات الجماهيرية التابعة لأبرز القوى الوطنية إبان الانتفاضة الكبرى عام 1987.
كيف نصنع ثورة ناجحة في غزة؟ - أسماء علي
سطر التاريخ منذ أزليته العديد من الثورات في العالم، بعضها مدادها الدم وأخرى كانت معبقةً بالورود. وتلك الثورات ترجمت السلوك الإنساني الرافض للظلم، والاستبداد والعبودية بكافة اشكالها.
فالثورة كمصطلح سياسي تعني رفض الوضع الراهن والسعي إلى تغييره، وهذا الرفض ينبع من الإحساس بالقهر والظلم الذي تمارسه بعض الحكومات ضد شعوبها، فقد تتخذ الثورات خطاً سلمياً او تتطور لتصبح انقلاباً عسكرياً تُستخدم فيه القوة المفرطة. وفي معظمِ الثورات في العالم فإن الفقراء هم وقود الثورة، فالفقر هو المحرك والدافع الأساسي لها.
وهناك أيضا ضحايا مُضلّلون يتم استخدامهم من قِبل فئاتٍ معينة كجسرٍ لتحقيقِ مآربِهم الخاصة فتكون (ثورة يخطط لها الدهاة، وينفذها الشرفاء، ويدفع ثمنها الشهداء، ويجني ثمارها الجبناء).
أما إذا كانت الثورات موجهة من قِبَلِ جهاتٍ خارجية، فهي حتماً تُعنَى بهلاك البلاد لأنه من المؤكد أنها تمتلكُ أجندةً خاصة ضد الصالح العام، هدفها تدمير الشعب داخليا والسيطرة عليها تحت مِظَلاّتٍ وهمية، والتشبيه الأصح لهذا النوع من الثورات هو: "الثورات الخادعة".
لو نظرنا الى مدينة غزة في العقد الأخير من الزمن، نجد أنه حدثت بها عدة مظاهرات سلمية او ما يسمى ب "الحراك الشعبي"، ولكن هل ارتقت هذه المظاهرات لتصل لمستوى ثورة؟
الوضع في غزة له شكل المظاهرات السلمية، ولكنه هدف الى التغيير الجذري وإقصاء الحكم الحالي. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذه المظاهرات لم تُؤتِ أكُلَها بعد؟ ولم تُحقق ولو بعضاً من أهدافها؟ أين العلةَ في ذلك؟
بسردٍ سريعٍ للمظاهرات أو الحراك الشعبي الذي حدث في قطاع غزة في العقد الأخير من الزمن، يستطيع المتتبع للأمر تسجيل المحطات التالية:
حراك تمرد في السادس من سبتمبر لعام 2013
خرجت أعداد كبيرة جداً من الشباب في مظاهرة سلمية ضد ما اعتبرته فئة الشباب "الظلم في غزة"، لم تُكْمِل هذه المظاهرة سيرها حيث تم التصدي لجميع المشاركين فيها وتفريقهم ، أنصارُ هذه الحركة (حركة تمرد) جددوا الدعوة للخروج مرةً أخرى بحراكٍ شعبي آخر في شهر نوفمبر لذات العام وتحديداً يوم إحياء ذكرى وفاة الرئيس ياسر عرفات، ولكن حركة حماس وقفت لهم بالمرصاد واستخدمت القوة لتفريقهم وفي هذا الشأن صرح القيادي في حماس صلاح البردويل في حواره مع DW عربية قائلا:" لا توجد حركة تمرد عندنا في غزة، بل هي كلمة أطلقت في وسائل الإعلام، لكنه عاد مُقراً بوجودها قائلا "إنها حركة بمصطلح كيفي ونوعي بصبغة واستنساخ مصري لاستئصال التيار الإسلامي من العالم العربي"، واتهم البردويل أطرافا خارجية بتنظيم وتوجيه الحراك الشعبي، وقصد دولةً بعينها، ولم يتطرق مطلقاً إلى الأسباب الموضوعية للحالة الاقتصادية والاجتماعية وانعدام الحريات السياسية.
أما المتحدث الإعلامي لحركة "تمرد" قوس البارودي رد على هذه الاتهامات قائلاً: "حماس وصفتنا بالتخابر، واعتبرتنا كائنات فضائية"، وأوضح بأن حركة التمرد الشبابية هي حركة وطنية، وليست موجهة من الخارج كما وصفها البردويل، البارودي تطرق أيضا إلى مراقبة الأجهزة الأمنية لحماس لصفحات التواصل الاجتماعي للشباب، حيث تم التحقيق مع كل من تفاعل مع صفحة الفيسبوك التي أنشأتها هذه الحركة، وهو ما يؤكد تضاؤل مساحة الحريات السياسية لدى المجتمع.
حراك "بدنا نعيش" بتاريخ 14 مارس 2019
بعد عدة أعوام وتحت شعار "بدنا نعيش" خرج عشرات الآلاف، وخاصة من فئة الشباب، بتاريخ 14 مارس من العام 2019 في حراك سلمي للمطالبة بإنهاء الظلم وتحقيق حياة أفضل حيث تم تسجيل معدلات غير مسبوقة من الفقر والبطالة ،إذ بلغت نسبة البطالة في القطاع ما نسبته 70% بين أوساط الشباب ، ولكن سرعان ما قمعته الأجهزة الأمنية التابعة لحماس بالقوة، واعتقلت عدداً من المشاركين فيه ،كما وقامت أيضا بالاعتداء على عدد من الصحافيين ومنعت التصوير وبررت ذلك على لسان الناطق باسم جهاز الشرطة، أيمن البطنيجي ، بعدم حصول المتظاهرين على إذن مسبق لتنظيم المسيرة ،وبرّرت الاعتقالات بأنّها مجرد استدعاءات للتحقيق في الحراك والتوصل إلى معلومات عن القائمين عليه.
في بيان لها أوضحت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان – ديوان المظالم، بأن اعتداءات حركة حماس على المظاهرات السلمية يعد مخالفة واضحة لمعايير الاحتجاز والتوقيف المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001، وتحديداً المواد (21)، و(29) التي تحدد جهات الضبط القضائي، والمعايير الواجب توافرها أثناء الاحتجاز والتوقيف.
تبرير المتحدث باسم جهاز الشرطة بوجوب الحصول على إذن مسبق لتنظيم مسيرة لم ينص عليه القانون، حيث وضح بيان الهيئة الفلسطينية المستقلة بأن المادة (2) من قانون رقم (12) لسنة 1998 بشأن الاجتماعات العامة لا يشترط الحصول على ترخيص لتنظيم الاجتماعات العامة.
حراك 30 تموز 2023
من الواضح بأن الحكومة في غزة لم تتعاط بشكل إيجابي مع مطالب الشباب ولم تستمع إليهم، لذلك بدأت تنشأ ثانياً بعض التحركات من الشباب رافضةً للوضع المُزرى القائم، وخاصةً مع تفاقم أزمة الكهرباء والمستمرة منذ عام 2006، وحادثة مقتل المواطن في خانيونس الذي حاول منع هدم سور بيته، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لذلك تم اختيار تاريخ 30 تموز يوماً للتظاهر والذي يتزامن مع اجتماع القوى الوطنية والإسلامية في مدينة العلمين بمصر.
طفح الكيْل لدى غالبية الناس خاصةً إثر تفاقم أزمة الكهرباء وإجبارهم على تركيب العدادات الذكية، وخلق أنواع جديدة من الضرائب وكأننا في زمن الدولة الاقطاعية التي أرهقت كاهل المستضعفين من أبناء شعبها بالضرائب والنتيجة كانت الثورة ضدها (عندما تَكْثُر الجِباية تشرف الدولة على النهاية)، وحين تعيق الحكومة مستقبل شعبها تكون الثورة عليها واجبة.
في حقيقة الأمر كانت نسبة الاستجابة لهذا الحراك أقل من المتوقع بكثير، لأن المواطنين لم يعد لديهم أمل في استجابة الحكومة لمطالبهم وكانوا متيقنين أنه سيتم قمع المظاهرة بصورةٍ لا يتوقعونها.
وعلق الأستاذ في علم النفس، د. فضل عاشور، على الاحداث بصورة علمية اجتماعية وكتب على صفحته: "لقد شاهدت الفيديوهات وقرأت الأخبار عن تحرك لشباب كُثُر، وفي نفس التوقيت في أماكن مختلفة من قطاع غزة تتعلق بمسائل معيشية، الأمر كبيرٌ وخطيرٌ وجللْ، فغزة مرهقة من شدة العنف وستذهب الى انفجار مدمر واسع النطاق، إن لم يحدث الآن فسيحدث في أيِّ لحظة وكفى للمكابرة وتغذية للأوهام."
وبالنظر إلى ماهية المظاهرة "حراك تموز 2023" فإنه لم يتم التخطيط والتنظيم لها بشكل محكم، ولم يتم الإعلان عن حاضنة شعبية تمنح الأمان للمتظاهرين، كما أنه لم يتم تهيئة المَناخ للحشد والتعبئة الجماهيرية بشكلٍ كافٍ، ولم تتقدم صفوف هذه المظاهرة أيًّا من الشخصيات الاعتبارية البارزة المؤثرة والبارعة في فن الإقناع والخطاب السياسي الحر، ومن ناحيةٍ أخرى فلقد أعدت الحكومة على الأرض عُدّتها لقمع هذا الحراك، ووأدِه في مهده، خاصةً ونحن نتحدث عن نظام سياسي ذات الحزب الواحد، له خاصية الدولة الأمنية.
ولكن هل نحن بحاجة للثورة فقط عند زيادة الضرائب؟ أم أن زيادتها تعتبر القشة التي سوف تقسم ظهر البعير مرةً أخرى؟ وهل فَشِلَ الحراك بسبب ضعف المشاركة، أم بسبب قوة السلطة الحاكمة؟
برأيي الأمر يعود لكليهما، فالثورة أو الحراك بحاجة إلى معايير، وليس من الضروري أن تكون الثورة دموية وتدميرية لكي تحقق مطالبها، فمعيار نجاح الثورة مرهون بقدرتها على تحقيق أهدافها وسوف تعتبر فاشلة ومدمرة للشعب لو تم الإطاحة بنظام الحكم من خلال اي تدخل عسكري أجنبي.
و من المعايير الأساسية التي ينبغي الالتزام بها أثناء الثورة الابتعاد عن إلقاء قنابل أو عمليات خطف أو إتلاف البنية التحتية، حيث أثبتت الثورات السلمية نجاعتها في مواطن كثيرة ، وهذا ما وضحته الباحثة في العلوم السياسية بجامعة هارفارد، إيريكا شينوويث، حيث أكدت أن العصيان المدني أكثر قوة وفعالية من جميع أشكال الاحتجاج الأخرى في تشكيل المشهد السياسي العالمي ،تماما كما حدث في حركة "قوة الشعب" في العاصمة الفلبينية مانيلا إذ خرج مليونا متظاهر في العام 1986، في مسيرات سلمية ضد النظام ولم تمر أربعة أيام حتى سقط نظام ماركوس، وفي عام 2003 أجبر سكان جورجيا الرئيس إدوارد شيفرنادزة على الاستقالة، عقب ثورة الورود التي اقتحم فيها المحتجون البرلمان حاملين في أيديهم زهوراً دون إراقة قطرة دم واحدة، والأمثلة كثيرة ، مثل تجربة المهاتما غاندي، وثورة الورود في الولايات المتحدة عام 1967ضد حرب فيتنام، وثورة اللوتس السلمية في ميانمار عام 2007.
ولعل أبرز ما ساعد هذه الثورات في نجاحها هو أن الحكومات تعاطت معها بشكل متحضر، وأبدت استجابة تدريجية لمطالب الثائرين، ولم تستخدم ضدهم العنف أو القمع.
لذلك لا بد من وجود معايير لنجاح أي ثورة وتحقيق مطالبها أهمها:
التخطيط والتنظيم السليم الدقيق ودراسة نظام الحكم بعمق لكي يتم تكوين فكرة سليمة عنه وبالتالي القدرة على كشف ثغراته.
التقدير والوعي بفرق ميزان القوى بين الثائرين والنظام الحاكم.
الإعداد الجيد للمواجهة والقدرة البارعة في التكيف مع المتغيرات التي قد تطرأ أثناء الثورة وامتلاك التكتيك والمهارات الخاصة من أجل إرجاع الدفة لصالح الثورة.
يجب ان يقود الثورة ويتقدم صفوفها شخصيات اعتبارية قيادية حكيمة ذات رأي سديد، ولها ثقل ووزن في الحيز الذي ستخرج منه الثورة.
يجب ان تضم الثورة فئة المثقفين ورجال السياسة المخضرمين والصحافيين لكسب التعاطف والتأييد إقليمياً ودولياً.
تحديد الأهداف لجمع الثائرين تحت كلمة واحدة لضمان الولاء والثبات.
تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في أي مواجهة ضد النظام الاستبدادي ككل وليس ضد شخصية بعينها.
التجربة في حِراكات غزة أثبتت فشلها لعدة أسباب، أهمها:
هو أنّ الحراك الشعبي يُدار من وراء جُدُرْ، ولم يتم الحشد له بالصورة الصحيحة، وغير واضح الأهداف ولا يُعلم من يقف ورائه، وهذا أعطى ذريعة للحكومة في غزة بعدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين، وفتح باباً للأقاويل والشائعات التي تنال المتظاهرين، فيتم وصفهم بأنهم خائنون يعملون لأجندة خارجية ويريدون إسقاط حماس كتنظيم إسلامي وليست كونها نظاما حكوميا.
إنّ غزةَ في الوقت الحالي لا تحتاج الى ثورات أو مظاهرات بقدر ما هي بحاجة إلى وحدةِ الصف الفلسطيني، وإنهاء الانقسام الذي ضيّع بين ثناياته عموم الشعب، كما يجب وأد ونقد وعدم تمجيد الرموز التي لم تضيف للشعب شيئا.
ولكن إذا كانت القوة الحاكمة للشعب قوة جائرة مستبدة تحكم بقبضة من حديد وقبضة من نار، ومن أراد أن يثور عليها كان كالذي يحمل بين ضلوعه رفاته ومقبرته، هل يذهب الثائر باتجاه انقلابات عسكرية او استخدام القوة والسلاح ضد النظام الحاكم؟ أم يذهب للاستعانة بأطرافٍ خارجية تُنهي الحكم الداخلي المستبد؟
إنّ مجرد التفكير بأحد الخيارين حتماً سيورد المجتمع الغزي في المهالك، ويُدْخِلَهُ في صراعاتٍ طاحنة طويلة الأمد، يكون البقاء فيها للأقوى، لا للأكثر عدلاً، أو الأجدرِ بالحكم، مع الأخذ بعين الاعتبار هنا بأن الحاكم الذي تُسوِّل له نفسه ظُلْمَ شعبه، لن يُثْنِيه سوء خلقه عن قتل أبناء شعبه، فالحاكم الظالم لا يؤتمن جانبُه ولا يُسْتَبْعَد مَكرُه.
ما بين واقع التهجير ومستقبل التطهير- حنين عماد صباح
أمسك حفنة التراب بيده، وبدأ يشمها ويقبلها، وينثرها على وجهه، فأسقطت الدموع من سحابة عينيه وتسابقت الكلمات مع أنفاسه المثقلة: "نعم، هذا تراب وطني الغالي فلسطين، سأرسله إلى أبي ليغسل به وجهه كل صباح" كيف للعم أبو أحمد لو شاهد قرية الفالوجة التي هجرت عائلته منها قبل أن تطأ خطاهم الحائرة أرض الأردن، فينبهر بمساحات واسعة خضراء على مد بصره، تنعش قلبه الحزين قبل أن يرتطم ببيت جده وبه شخص غريب يجهل زوايا البيت وممتلكاته، لم أنس ذلك اليوم عندما استقبلتني الأرض المحتلة متزينة بالثوب الفلسطيني التراثي المزركش بأزهار الياسمين والاقحوان، والمنسوج بسنابل القمح على الحرير أو الكتان، وبانت الحناء على جبالها الشاهقة، ويراودني نسيمها العليل فيداعب خصلات شعري ثم يمسك يدي ليصحبني في جولة عائدا ولو لمرة.
كيف لفردوس فلسطين أن تخلو من مستحقيها الذين غمرت جثثهم سفوح الجبال في دير ياسين، واختلطت دماؤهم برمال الساحل في الطنطورة؟ لقد كان هنالك سكان هنا يشهد عليهم جمال تراث قرية لفتة المهدد فيحييه صمود أهل المثلث والنقب، وتجلس بجانبها كنيسة نوتردام الكاثوليكية، وهي تغمز من رأس جبل قرية أبو غوش إلى البحر الميت في الغور ليسألاني: هل ستعودون إلينا أيها اللاجئون الحائرون؟! فأجبتهم: نعم، إنا عائدون.
بدأ الإعلان عن الصهيونية العالمية خلال مؤتمر بازل عام 1897 ودخلت حيز التنفيذ فور صدور وعد بلفور عام 1917 تلك العشرون عاما كانت كفيلة لتهيئة المناخ المناسب والتربة الخصبة لتفكيك العالم العربي الإسلامي من أجل تجذير الشوك بعد اقتلاع نبات الميرمية والزعتر من سفوح جبال فلسطين، محاولين تحدي التاريخ، ومناطحة التراث بقلب المكان وتغريب السكان، حتى نجحت العصابات الصهيونية المسلحة عام 1948 في السيطرة على 78% من أرض فلسطين التاريخية، في حرب إبادة جماعية طالت الحجر والشجر والانسان، لكنها لم تطل الذاكرة الفلسطينية الراسخة، ولم تفسد العشق الأبدي بين الفلاح وأرضه، وشغف البحر بعظمة سور عكا، واحتضان مدينة العدس لأبنائها خوفا عليهم من بطش الغزاة، وإذا غابت الشمس عن ثراها، أقبل القمر متوهجا في محاقه ملوحا بالكوفية إلى قرية العراقيب هامسا لها: "لتأنسي بنوري ولا تعبئي بهم يا عنقاء فلسطين".
ومنذ احتلال باقي الأراضي الفلسطينية عام 1967 شكلت الديموغرافيا تهديدا واضحا على مستقبل تحقيق حلم دولة إسرائيل العظمى، وذلك بفعل الخطر الأمني الذي يسببه التفوق الديموغرافي العربي والفلسطيني، وعنصرية الكيان الصهيوني، ورغبة اليهود في العيش بمعزل عن الاخرين مثلما كانوا في أوروبا، فقام الاحتلال الإسرائيلي بتطبيق سياسة واضحة هدفها الاستيطان لتحقيق التحول الديموغرافي، بدءا من التهجير القسري الذي يعرف بأنه سياسة ممنهجة يقوم بها لاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين لطردهم، ويدرج القانون الدولي التهجير القسري ضمن جرائم الحرب والإبادة الجماعية وفقا نظام روما الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة عام 1949.
في المقابل تسعى إسرائيل جاهدة في تضخيم الخطر الديموغرافي، إذ تسوق نفسها أمام العالم كضحية لقرار حق العودة 194 باعتبار أن عدد اللاجئين الفلسطينيين يفوق عدد سكان دولتها، فتلجأ إلى التهجير القسري لفرض واقع دخيل يخدم أهداف سياسية وايدلوجية محددة. من خلال انتهاك حقوق الإنسان واللعب على احتياجاته الأساسية: إذ تحولت مراكز الأونروا المخصصة لإيواء اللاجئين الهاربين من هول القصف الإسرائيلي على غزة إلى مقابر جماعية لهم كما حدث في مجزرة الفاخورة عام 2009، وقد بدى الإنسان الفلسطيني فريسة لطلقات جنود الاحتلال ولكلاب الاعتقال فيزجوا به في سجون النسيان بعيد عن عائلته ومحيطه، يتناول فيها أصناف ملونة من العذاب والإذلال، وابتزاز المريض ومنعه من التنقل بين المدن لتلقي العلاج يلتوي ألما مثل اقتلاع مستوطن لم يبلغ عمره ربع قرن لشجرة زيتون عمرها الاف السنين.
كيف لاقتصاد فلسطين أن يزهو وبنيته التحتية دمرها الاحتلال الإسرائيلي من خلال مصادرة الأراضي الزراعية بحجج وهمية، وتدمير المصانع، والسيطرة على المواد الخام، وتقييد حركة التجارة الداخلية والخارجية، والسيطرة على المعابر البرية والبحرية، وفرض التبعية الاقتصادية الإسرائيلية
أما الاستيطان فيهدف إلى جلب مهاجرين من شتى بقاع الأرض، للركوع تحت راية الدولة العبرية وخدمة مصالحها في الوسط العربي، إذ تجوب الوكالة اليهودية جميع أنحاء العالم عبر بعثات لغسل أدمغة البشر بأفكارهم المتطرفة ثم شحنهم إلى داخل المستوطنات المقامة على أرض فلسطين لسد افتقار دولة الاحتلال من العنصر البشري، فيبدو أن إسرائيل بحاجة إلى مؤسسين جدد يقودون المرحلة القادمة، خاصة بعد رحيل الأجداد، وتواني الأحفاد عن القيام بالدور الوظيفي لقيام دولة إسرائيل المنطلق من أفكار سياسية وأيدلوجية اسطورية للسيطرة على أي أرض تدوسها أقدام مواشيهم وطرد سكانها الأصليين بقوة السلاح، وكأن مسرحية عام 1948 الدموية ستدلي بظلامها على الفلسطينيين من جديد، أبطالها عصابات فتية التلال، وحراس الهيكل وغيرهم من القطعان المتناثرة في ترمس عيا وحوارة ومناطق أخرى. مما يشكلون خطرا حقيقيا على ضمان مستقبل الوجود الديموغرافي الفلسطيني داخل أرض فلسطين التاريخية.
بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى أكثر من 700 ألف مستوطن خلال عام 2022، موزعين على 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية، وتشكل هذه الأرقام تهديدا كبيرا على المستقبل الديموغرافي الطبيعي في فلسطين، خاصة في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية التي نزعت عن المجتمع الدولي رداءه، وأخمدت صوته الذي يتغنى بالإنسانية والمساواة، وكشفت ازدواجيته للمعايير فور إعلانها على الملء شرعنه الاستيطان تحت مصطلح دخيل يدعى النمو الطبيعي للاستيطان الذي يقف حاجزا أمام استقلال الدولة الفلسطينية.
وبالنظر إلى معطيات حركة "السلام الان" الإسرائيلية دفعت الحكومة الحالية مطلع العام الجاري لإقامة 12885 وحدة استيطانية، ونشرت مناقصات لبناء 1289 وحدة ليصبح العدد 14044 وحدة استيطانية في الضفة الغربية وحدها، ويتولى المستوطن بتسلئيل سموتريتش ملف الاستيطان باعتباره وزير المالية ووزير الأمن الإسرائيلي والمعروف بتطرفه وسياسته القمعية ضد الفلسطينيين.
إن خطر التحول الديموغرافي القسري للشعب الفلسطيني قد أصبح قاب قوسين أو أنى، ولا يمكن لصمود الفلسطينيين أن يدوم طويلا في وجه الالة الصهيونية المتغطرسة المميتة، بل يجب على جميع القيادات الفلسطينية من كافة الفصائل والأحزاب تحمل كامل المسؤولية في دعم صمود الشعب المتمسك بالأرض والثوابت، وذلك من خلال وضع خطة حقيقية شأنها تحليل الواقع الاغتنام الفرص المتاحة ومواجهة التهديدات كفض الفوضى التي سببها الانقسام، والرضوخ إلى مطالب الشارع في توفير حياة كريمة، والسعي في حل القضايا الاجتماعية التي تأثر بشكل مباشر وغير مباشر في قلب الديموغرافيا لصالح مهاجري الاحتلال مثل: الفقر، والهجرة، والانتحار، وعزوف الشباب عن الزواج، وقلة عدد المواليد، إضافة إلى توفير الحماية للسكان من خطر هجمات المستوطنين المسلحين، والتوعية الجماهيرية في صد الاقتحامات الإسرائيلية للقرى والمدن، يجب أن نتدارك الأمر قبل أن نضرب الكف بالكف منادين لشاعرنا إبراهيم طوقان عذرا فلم يبق لدينا أي بقية من البلاد يا رفيقي.
Palestine’s Morning Coffee Comes in Red - Plestia Al-Aqad
While the world commences its day by a cup of coffee to confront the challenges ahead, Palestinians stand as a continuous exception. Their mornings commence with a red coffee, that’s neither cooled nor consumed, a deeply evocative symbol that lingers in the throat of memory, persisting steadfastly over the span of a lifetime…
The whole world starts their day by listening to birds singing or by going for a run or for the gym, for example, I asked a 23 years old British friend of mine how does she start her day and she told me that she wakes up an hour before work to get ready and enjoy her cup of coffee before a long day of work, on the other hand, I asked a 22 years old Palestinian about her day and she told me she wakes up at 7:00 to listen to the news before going to work in order to make sure all her beloved ones are still alive, as Palestinians sometimes know about martyrs from the news rather than from family members, you ask me why? it’s because Palestinians wake up to martyrs news and sleep to more martyrs news… And that’s her cup of coffee that gives her energy for the day, knowing that all her beloved ones made it physically alive for another day…
Coffee in Palestine comes with all types and doses, the first dose of coffee started in 1948 when Al Nakba happened and more than 957,000 Palestinians were forcibly displaced out of their homeland, The Nakba is considered the largest ethnic cleansing operation that the twentieth century witnessed 1. A subsequent juncture in this chronicle emerged in 1967, known as the Naksa, which translates to "setback" in Arabic. This pivotal year witnessed the Six-Day War, during which Israel swiftly annexed vital Palestinian territories, including the West Bank, East Jerusalem, Gaza Strip, along with the Syrian Golan Heights and the Egyptian Sinai Peninsula. The rapidity of these territorial acquisitions, accomplished within a mere of six days, further exacerbated the Israeli-Palestinian aggression and contributed to the complexities of the region's geopolitical landscape.
Every year passes by, the dose of coffee increases, in 1993 The Oslo Accords was signed by Israel and the Palestinian Liberation Organization (PLO), the agreement established an important new approach for achieving a peaceful resolution to the Palestinian-Israeli conflict by initiating open, direct talks between Israel and the PLO, but was there an actual outcome of Oslo? The trajectory of peacemaking endeavors reached an impasse during the 2000s, marked notably by the unsuccessful outcomes of the Camp David Summit. Subsequently, this period was succeeded by the Palestinian Second Intifada, signifying a renewed phase of socio-political unrest and conflict.3
Advancing to the year 2008, an Israeli military aggression was initiated in the Gaza Strip, persisting for duration of 23 days. During this period, according the human rights watch report March 2009, the utilization of internationally proscribed armaments, including substances such as white phosphorus and depleted uranium, were’’ used. Furthermore, the offensive embraced the deployment of a substantial volume of munitions, exceeding one thousand tons of explosives. The aggression resulted according the official statistics in over 1,430 Palestinian martyrs, including more than 400 children, and 240 women, in addition to over 5,400 injuries. To add, more than 10,000 homes were either completely or partially demolished. 4 You’d think this is the largest dose of caffeine yet? This was the first of many aggressions that Israel launched on The Gaza Strip. In 2012, Israel launched another aggression that lasted for 8 days where around 180 Palestinians were martyred. 2014? 2019? 2021? 2022? 2023? More aggressions and more martyrs…
Since the beginning of 2023, 226 martyrs have fallen victims to the Israeli occupation, including 42 children and 6 women, according to Palestine's TV. Unfortunately, the aggression’s bullets recognize no age nor gender. One of the martyrs of the last aggression on Gaza is a 5 years old boy called Tamim Muhammad Daoud, after he suffered a severe panic attack as a result of the brutal Zionist aggression and bombing on Gaza that lasted for 5 days from the 9th of May till the 13th of May 2023. A family member posted on Facebook: “His heart couldn’t bear their tyranny… and his young age couldn’t understand this injustice.”.
Throughout decades now, Palestinians have been witnessing all types of violence, the dose of caffeine keeps increasing, and the more caffeine you drink, the shorter your life becomes, the last dose of caffeine Palestinians drank was red. Is this the end or is there more brutality that awaits Palestinians?
Do you think that Palestinians would wake up on the aroma of real coffee one day rather than looking for the red daily caffeine they’re used to??!
تكنولوجيات الاتصال الجديدة ومسألة التغيير الاجتماعي - سجى سامي حمدان
خلال العقود المنصرمة، كانت تكنولوجيات الاتصال الحديثة قضية مثيرة للجدل بين الأوساط العربية؛ ما بين مؤيد يرى أنها حققت انفتاحًا وتواصلًا عالميًّا لم يُشهد قبلها، وما بين معارضٍ ينتقد التكنولوجيا في أنها سبب رئيسي لأضرار مهمة كتضييع الوقت، والعزوف عن المشاركة الاجتماعية، بجانب أمراض صحية قد يسببها الإفراط في الاستخدام. (دياك، 2017)
على الرغم من ذلك، نادرًا ما يُهمل دور التكنولوجيا في التأثير على الواقع الإعلامي العربي، خاصة بعدما أصبح الوصول إلى المعلومات سهلًا -في ظل وجود الأجهزة الذكية-، حيثُ يمكن استقاؤها من مصادرها الأساسية دون تحريف، أو بالأصح دون الخضوع لعملية أخذ نصف الخبر وترك نصفه الآخر بما يخدم سياسة التحرير الخاصة بالقناة أو الصحيفة، وهذا كان له تأثير على عدة مجتمعات عربية أبرزها: فلسطين، التي تم عرض قضيتها خلال السنوات الأخيرة بشكل مختلف عن المعتاد بعدما ظهر الناشطون الاجتماعيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل: انستجرام، وفيسبوك، وتويتر او محطة اكس كما تعرف حاليا.
هذا تمثل في ظهور الناشطين أمثال: منى الكرد، وصالح زغاري على الساحة خلال أحداث المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح بشهر يونيو 2021، و-أيضًا- بعض المؤثرين على المستوى العربي أمثال آلاء حمدان، ومنى حوا الذين استثمروا خاصية البث المباشر عبر انستجرام بالأخص خلال العدوان على غزة سنة 2021، من خلال استضافة مواطنين فلسطينيين من غزة، الشيء الذي مكن كل مواطن فلسطيني أو ناشط في أن يكون مراسلاً مستقلاً بنفسه، يملك كاميرا هاتفه المحمول الذكي، وينشر اعتداءات الاحتلال، لتصل الصور وتجوب أنحاء العالم في أجزاء من الدقيقة، دون حاجة المشاهدين للانتظار أمام التلفاز والتقليب بين القنوات المختلفة لمعرفة تفاصيل الخبر من زواية الرؤية الإخراجية التي تريدها إدارة القناة.
تضافرت هذه العوامل حاشدةً تعاطفًا عالميًا مع القضية الفلسطينية لم يُشهد له مثيل، ويُعتقد أن هذا كان له دورٌ في التأثير على منحنى سير القضية الفلسطينية، بجانب الضغط على إيقاف جرائم الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وذلك لأن الصورة الحقيقية وصلت العالم على مدار ال 24 ساعة دون غربلة مونتاجية أو تعديلات إخراجية.
الجدير بالذكر أنّ هذا كله يُخضع العملية الإعلامية بشكل أساسي لمعايير حقيقية ثابتة في ظل تداخلها مع التكنولوجيا الحديثة، حيث باتت تنطوي على زيادة وعي المشاهد وإدراكه للقضايا والأحداث التي تدور حول العالم من الناحية الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية؛ العامل الذي يساهم بدوره بشكل كبير في تغيير الواقع المجتمعي بسبب الانفتاح وإزالة الحدود، من خلال الاستفادة من تجارب الشعوب وحكومات الدول الأخرى التي تُنقل أحداثهم بشكل مباشر عبر الشاشات الصغيرة، وهو ما أكده احمد الغرابي في كتابه، "الأرشفة الإلكترونية فى المملكة العربية السعودية" عام 2009.
ومن زاوية موازية، أفرزت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل والنقاش الفكري والسياسي والديني، كما أثارت روح الحماس والتفاعل، والثورة في بعض الأحيان، الشيء الذي أسهم بدوره في تبادل الأفكار، وشرح وجهات النظر التي قد تبدو غريبة على المعظم، وغير مألوفة للآراء الراسخة في عقولهم الباطنة، وتخدش مسلمات لم يكن أحد يعتقد أنها ستتغير يومًا ما، حيث يتحاور هناك السياسيون، والمثقفون دون رقابة -إلى وقت قريب-، ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو دور البطل الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي في سلسلة حلقات الثورات العربية -الربيع العربي-، الذي لم يحتاج فيه الثائرون إلى التسلل ليلًا والاجتماع بالسر في أحد البيوت للاتفاق على الهدف والخطة وآلية التنفيذ، كما هو حال الحركات التحررية الثورية بالماضي، وإنما بنشر استبانات، وخطط، وحشد التعاطف والتأييد داخليًا ودوليًا، خاصة وأن هذه الشبكات الاجتماعية توجه الشباب والمراهقين لقضاء أوقاتهم، فتُتيح الفرصة للتعبير عن آرائهم دون ظهور أسمائهم أحيانًا خوفًا من الملاحقة السياسية، وذلك عن طريق النشر عبر المدونات بما يخص سياسات الدولة واقتصادها، و-أيضًا- انتقاد بعض الظواهر وحشد حملات المناصرة باستخدام الهشتاجات كحملات مناهضة الجوع، وغلاء الأسعار، ومحاربة الفساد، والعنف الأسري وما إلى ذلك.
هذا ويمكننا القول إنّ التأثيرات النوعية التي أحدثتها تكنولوجيات الاتصال لم تقتصر على الأفراد والجماعات، بل خلُصت إلى كونها مفجرًا أساسيًا للتغيرات الاجتماعية محليًا وعالميًا، هذا ما صرحت به الباحثة نادية أبو ورقلة في ورقتها البحثية لعام 2013 بعنوان: "دور شبكات التواصل الاجتماعي في تنمية الوعي السياسي والاجتماعي لدى الشباب العربي، حيث كتبت: "استخدم الشباب في بداية الأمر مواقع التواصل الاجتماعي للدردشة وتفريغ الشحن العاطفية، ولكن يبدو أن موجة من النضج انتشرت، وأصبح الشباب يتبادلون وجهات النظر، من أجل المطالبة بتحسين إيقاع الحياة السياسة والاجتماعية والاقتصادية ومن هنا تشكلت حركات الرفض الشبابية التي انتظمت في تونس مرورًا بمصر واليمن وليبيا والبحرين والأردن".
على الصعيد الفلسطيني تبيَّنَ خلال مسح أجرته مؤسسة فريدريش إيبرت الالمانية أنّ 22% فقط من الشباب الفلسطيني يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض تتعلق بالسياسة، ولكنّ ربما تعود هذه النسبة الضئيلة إلى تراجع اهتمام فئة الشباب أساسًا بالعملية السياسية، ليس فقط بسبب تعطل العملية الديمقراطية والانتخابات لسنوات طويلة، وإنما -أيضًا- لتواجد أحداث معينة في المشهد كاعتقال مواطنين من قِبَل إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية بسبب منشوراتهم السياسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي!.
يعتقد البعض أن ثورة الاتصال التكنولوجية كان لها دور بارز في تغير بعض القيم الاجتماعية والفكرية، شأنها شأن أي تغيير يطرأ على البشرية وتلحق به سلسلة من النتائج التي ليست بالضرورة أن تظهر في الآن واللحظة، وإنما تتكشف تدريجيًا بسبب تراكمية العوامل المؤثرة، حيثُ يُعزى ذلك إلى أنّ القيم ليست بالشيء سريع التغيير، وإنما هي ردات فعل بعيدة المدى والترجيع، حيث أنّ تكنولوجيات الاتصال الحديثة كان لها الأثر الأكبر في تقريب قطبي الأرض، وتيسير عملية التواصل مع الأصدقاء والأقرباء في كافة أنحاء الأرض، ليس ذلك فحسب، بل سمح بتواصل الشباب العربي مع أشخاص من دول أجنبية لم يسبق أن التقوهم من قبل، والتعرف على تفاصيل حياتهم، وعاداتهم الاجتماعية المختلفة، وثقافتهم، هذا الانفتاح كان له دور في تغيير نمط التفكير، وظهور بعض الظواهر كالرغبة في الهجرة، ومحاولة استنساخ سلوك وأفكار مجتمع آخر لمجرد أنه متقدم حضاريًّا في محاولة جادة لمواكبة التمدن والتحضر في تلك الدول، حتى وإن كانت هذه العادات تتعارض مع تجرد المجتمع العربي من هويته، وتخلص إلى كونها تقليدا محضا، هذا ما أكده عزت أحمد في كتابه "آفاق التغير الاجتماعي والقيمي الثورة العلمية والمعلوماتية والتغير القيمي، لعام 2005.
من أبرز الأمثلة الملموسة على ذلك هو المملكة العربية السعودية؛ ومحاولات التنصل الحثيثة من نظام القيود الشديدة التي كان عليها سابقا، ومحاولة مضاهاة الدول الغربية وتقليد بعض صفاتها الظاهرية كبناء الملاهي الليلية، وإقامة الحفلات الصاخبة، وما هذا إلا محاولة يائسة من الدول المتأخرة للتمسك بقشة الغريق، والتعلق بقشور الحضارة الظاهرة للدول المتقدمة، فيتم التركيز على المباني، والمرافق بدلًا من التركيز على نمط التفكير، وتطوير أنظمة العمل والتعليم مما يواكب الحضارات. وهذا ما تحدث عنه الكاتب محمد الأمين عساف، لمفهوم الانفتاح، هل هو ضرورة اجتماعية، ام كارثة ثقافية.
في اعتقادي الراسخ، تطور تكنولوجيات الاتصال كان له آثار مختلفة، ما بين الإيجابي والسلبي، لكن كفة المزايا تغلب خاصة وأن الواقع العربي تأثر بهذا التقدم من مناحي متنوعة، وأسهم في العديد من التغييرات غير المتوقعة.
Digital Diplomacy: Whitewashing Israel's Image in Digital Media
In an era dominated by information and communication technologies, the art of media that lead to propaganda has evolved into a formidable force that can shape public opinion and narratives with unprecedented precision. This article explores how Israel has effectively utilized digital diplomacy to whitewash its notorious image.
The concept of digital diplomacy has surfaced as a modern extension of traditional diplomacy over the last decade. Unlike conventional diplomacy that relies on negotiations and diplomatic missions, digital diplomacy employs digital media to communicate with foreign audiences, transcending barriers like material costs and language differences.
Israel embarked on its digital diplomacy journey in 2011, coinciding with the Arab uprisings. Capitalizing on this opportunity, Israel aimed to use digital media to connect with the Arab public.
Despite having official diplomatic ties with certain Arab countries, mainly on governmental level, Israel struggled to win over Arab populations, often seen Israel as an occupying and adversarial nation. Recognizing the need to reshape its image both regionally and globally, Israel has resorted to digital diplomacy as an attempt to improve this stereotype. Due to the historical difficulty it faced in developing its political, economic, social and cultural relations, especially at the regional level. This challenge was exacerbated by criticisms surrounding Israel's actions in relation to Palestinians and Arabs.
After the wave of academic boycotts by a large number of international universities, in addition to the internal criticism of its regional policies, Israel adopted the "Hasbara = Explanation" initiative, which aims to explain and interpret the events from the Israeli perspective to the Western audience, especially to justify its military actions against the Palestinians. However, hasbara has been less efficient compared to digital diplomacy, which relies on dialogue and open engagement.
After the initial success in adopting new methods to improve its image through digital diplomacy at the Western level, the Israeli Ministry of Foreign Affairs quickly adopted this strategy as well, establishing a digital diplomacy channel and recruiting young talents to manage specialized Israeli pages on various social media platforms, which cover languages such as Arabic and Farsi. and Kurdish.
In summary, Israel adopted digital diplomacy as a response to challenges in reshaping its image and garnering support from both Western and Arab spheres. This contemporary diplomatic approach facilitated outreach to foreign populations, meaningful conversations, and the ability to influence public opinion on intricate political subjects.
Digital diplomacy has become a formidable force in shaping public opinion and narratives. Israel's media and communication strategies provide a lens through which we can understand the complexities and consequences of this evolving landscape. As technology continues to advance, the role of digital diplomacy in influencing international relations, public perception, and regional dynamics will only become more pronounced. By fostering awareness and promoting informed consumption of information, societies can counteract the manipulation of digital propaganda and pave the way for more balanced and constructive discussions on a global scale.
Israel did not tell the truth, but the methods used were organized and convinced those who did not know the truth. The Palestinian reaction was not at the level of success achieved by Israel in telling its story to the international and Arab community. The Palestinian narrative was very late and weak compared to the Israeli methods... So what are we to do?
زيارات الرئيس المتكررة إلى أين ؟ - ماجدولين حسن عايش
أحداث قديمة حديثة وما زالت آثارها تُطرح على الساحة السياسية الفلسطينية ، ونتائجها يُعاني منها الشعب الفلسطيني من انقسام وحصار وفقر وبطالة .
أسئلة تدور في عقل كل فلسطيني ! الزيارات المتكررة إلى أين ؟ من المسؤول عن الانقسام ومن وراءه ؟ هل الاحتلال المستفيد الأول أم هناك أطراف خارجية تدعمه ؟ كم عدد انعقاد الاجتماعات والاتفاقيات التي وقعت من أجل إتمام المصالحة الفلسطينية الداخلية ؟
أيها القاريء هل لك أن تتخيل عدد تكرار جولات عقد الاجتماعات في دول عربية وأوروبية من أجل تنفيذ المصالحة الفلسطينية الداخلية والتي أصبحت هشة وجميعها في مهب الرياح دون تنفيذ أو تطبيق على أرض الواقع ، الشارع الغزي والشعب الفلسطيني بأكمله الذي أصبح يتوق ويترقب لسماع صدى صوت لحدوث أمل يُخلصه من الإحباطات والتوترات النفسية عبر مُضي سبعة عشر عاماً من الانقسام والتشرذم الفكري والاجتماعي والاقتصادي .
لم تكن بضع من الساعات كافية لإنهاء الانقسام ، الذي لم يكن حديثاً بل نشأ نتيجة وجود فكرين مختلفين ، فحركة حماس التي ترى السبيل الوحيد لتحرير فلسطين طريق الجهاد والمقاومة ، وحركة فتح ترى السلام والتسوية والمفاوضات الحل الأمثل.. ، ولكن بقرار مفاجئ شكل الرئيس محمود عباس لجنة لإنهاء الانقسام والتي لن تكون مختلفة عن سابقتها ، اجتماع الرئيس عباس الذي عُقد بمدينة العلمين غرب مدينة الاسكندرية والتي تبعد عن قطاع غزة حوالي 433ك .
لقاء ثلاثي مصري فلسطيني أردني دون غطاء عربي ودون رعاية أوروبية هي بمثابة مناورة سياسية عربية لرأب الصدع في الصراع العربي الإسرائيلي وتحديداً الفلسطيني الإسرائيلي ، وذلك أشبه بكلاكيت للوضع والنظام السياسي القائم في قطاع غزة ، ولربما جاءت هذه اللقاءات الغامضة المفاجئة للتفاهم على بعض الأمور السياسية التي يستعصي على العقل فهمها وإدراكها وحلها والتي أفرزت عنها وجود حكومتين ، حكومة في قطاع غزة برئاسة حركة حماس ، وحكومة في الضفة الغربية برئاسة فتح ، وأيضاً لبحث الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة .
اجتماعات ليس لها علاقة بالتفاهمات ومايجري على أرض الواقع ، قطاع غزة البقعة الجغرافية الصغيرة خاض العشرات من الحروب والعدوان والتصعيد خلال فترة الانقسام ، بدايتها حرب عام2008
وكان آخرها التصعيد بشهر مايو 2023 الذي استمر خمسة أيام بقيادة الجهاد الإسلامي ،
والمتتبع لتلك الاتفاقيات والاجتماعات التي لم تجد لها تنفيذ عملي على أرض الواقع ، كان أولها اتفاق مكة في فبراير 2007 الذي جرى برعاية سعودية ، تلته لقاءات دمشق واليمن ، ثم اتفاقي القاهرة عام 2009 ، وعام 2011 ، ثم اتفاق قطر في نيسان- إبريل عام 2014 ، وصولاً إلى اتفاق الشاطئ في فبراير 2016م ، ثم اتفاق الدوحة عام 2017 ، ثم إعلان اسطنبول ب 24 سبتمبر 2020 ،. في التاسع من فبراير توصلت حركتا حماس فمُجدداً برعاية مصرية إلى اتفاق مصالحة جديد ، يتضمن في طياته إجراء انتخابات لتحقيق المصالحة وصدرت مراسيم رئاسية حددت مواعيد إجرائها ، إلا أنها توقفت بشكل مفاجئ ، وآخرها اجتماع العلمين التي حدث بشهر يوليو 2023م بجمهورية مصر العربية برعاية مصرية أردنية .
اجتماعات وزيارات متكررة مفككة إلى أين ؟ إلى متى هذا الصمت الدفين ؟ إلى متى هذه المسكنات التي باتت مُفتتة ومؤقتة ، فهي لن تُجدي نفعاً ولن تشفي غليلاً ولن تنقذ حائراً ولن تُجيب عن كل ما يجول بخاطرالمواطن الفلسطيني
من خلال استشراف للأحداث الماضية والجارية على أرض الواقع ، الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأول وهو وراء الانقسام البغيض ، وبدوره قام بتهديد السلطة الفلسطينية بمنع وصول الأموال وتشديد الحصار على قطاع غزة في حال تمت المصالحة بين الطرفين
ولعل من أبرز الحلول المقترحة لإتمام الاتفاق بين الطرفين ، بذل جهود حثيتة لاستئناف المفاوضات بين الطرفين من أجل تنفيذها على أرض الواقع ، وقف الاعتقال السياسي ، تشكيل حكومة وحدة وطنية من جميع الفصائل الفلسطينية .
التطبيع: اللعبة السياسية الجديدة - ريم زيدية
عندما تمر إسرائيل بأزمة داخلية تُعد الأولى من نوعها على مستوى البلاد بسبب الاحتجاجات على مشروع إصلاح قضائي تدعمه حكومة نتنياهو، ويخرج أكثر من مسؤول إسرائيلي ويصرح قائلاً بأنهم على موعدٍ أقرب من أي وقت مضى لاتفاقٍ لتطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية برعاية أمريكية، فيما سيُعد في حال اتمامه "إنجازًا دبلوماسيًا" لجميع الأطراف المعنية، ونكون نحن نطالب بدعم حقوق الشعب الفلسطيني، ونجدد الدعوات للتضامن مع القضية الفلسطينية التي يبدو أنها تشكل الجزء الأصعب في لعبة الشطرنج السياسية التي يراوغ فيها الجميع لتحقيق تطلعاتهم ومصالحهم الخاصة، فهذا يعني أن الجانب الإسرائيلي تمكن من أن يقدم لنا درسًا جديدًا ساخرًا في كيفية جعل الأمور تبدو عادية حتى وإن كانت الواقعية البعيدة تختلف، وعلى وقع هذه المشاهد الغريبة نجد أن الصراع قد تحول إلى شكلٍ مختلفٍ تمامًا يمكن وصفه بـ "الحرب الناعمة".
فإذا كان الصراع مع إسرائيل في بدايته يعبث بأعصاب العالم السياسي ويشعل الشوارع العربية بنيران الغضب، فإن مساره قد تحول مع الزمن إلى شكلٍ غريبٍ من السلام يُعرف بـ "السلام البارد"، الذي يجمع بين البقاء والبعد، واستطاع عددٌ من الدول العربية في السنوات الأخيرة تحويل تلك العلاقة المتعثرة الباردة إلى علاقة رسمية عبر توقيع اتفاقيات سلام او بالأحرى تطبيع العلاقات" مع إسرائيل، كأنه تجسيداً لقاعدة غريبة في اللعبة السياسية: "إذا لم تستطع هزيمة عدوك، فاتفق معه واصنع من الانكسار انتصارًا". فنرى الحكام يتصافحون مرتدين أقنعة الود والتسامح، أما الشعوب فلم يتم دعوتها للانضمام لهذه الحفلة السياسية، تهدف هذه الاتفاقيات إلى جعل الوجود الإسرائيلي في المنطقة العربية أمرًا طبيعيًا ومقبولًا بمعنى، فلنبدأ من الصفر.
فلو مررنا بعيون مفتوحة خلف الستار، سنكتشف أن هناك أشكالًا متعددةً لمفهوم التطبيع يفوق الشكل المألوف الذي يُعرض لنا في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث كانت هذه الأنماط قائمةً في مختلف القطاعات في بعض الدول العربية من تحت الطاولة قبل أن تصل إلى عناوين الأخبار والبرامج الحوارية بمراحلٍ كثيرة، في محاولةً لكسر الفاصل الأخلاقي والفكري والنفسي، تمهيدًا لما نشهده اليوم، وهو التطبيع الرسمي العلني بين الحكومات والوصول إلى حالة اللا مشكلة.
في ساحة التطبيع الحالي، يتراوح مفهوم التطبيع بين قسمين رئيسيين: التطبيع الرسمي الحكومي والتطبيع الشعبي، تحتاج كلٌ من هاتين الفئتين تقديمًا مختلفًا للمفهوم، يختلف باختلاف الظروف والضرورات المحيطة. بالنسبة لتطبيع الأنظمة العربية، فيقوم على تلاقح المصالح لتطوير العلاقات مع إسرائيل بصفتها عاملاً قويًا في منطقة الشرق الأوسط اليوم، وإقامة روابط دبلوماسية، إلى جانب التفاهمات الأمنية وتبادلات اقتصادية.
أما عند الخوض في الحديث عن التطبيع الشعبي العربي، تظهر تحديات تزيد من صعوبة الأمر نظرًا لأنه تطبيعٌ مستدامٌ يتجاوز الشكليات، وترجع الصعوبة في تحقيق ذلك في الأصل لارتباط الشعوب العربية بقضية فلسطين كونها تعد أهم قضية إنسانية ودينية بالنسبة لهم. لذلك توجب أن يُراعى ذلك في تناول فكرة التطبيع الشعبي، حيث أن الأمر يتطلب أنماطاً متعددة تتواصل مع الوعي والعاطفة العربية تمتد إلى التطبيع الإعلامي والفني والأكاديمي والرياضي والتربوي، والسياحي والتجاري والاجتماعي. وانخراط فئات ونُخب مُثقفة ورجال أعمال من المجتمع في التطبيع، وبالتأكيد غيرهم من الأفراد ممن لا تعنيهم قضية فلسطين وما حصل بين الطرفين تاريخياً من مواجهات، ويعبرون عن موقفهم عن طريق سلوك عدم الاهتمام بإدانة الشخصية أو الجهة المطبعة مع إسرائيل بذريعة أنهم لا يؤمنون بمبدأ الصراع مع إسرائيل وهؤلاء يقبلون التطبيع بشكلٍ غير مباشر.
ويُشكل التطبيع الشعوري النفسي - المعروف بـ "تطبيع العقل الباطني" - الهدف الأسمى لهذا الجهد المتعدد الأشكال، الذي يجعل التفاعل بشكلٍ متسامح أو على سبيل السخرية من الناطق باسم الجيش الصهيوني أفيخاي أدرعي على منصات التواصل الاجتماعي مُتعة.
بالنسبة للقضية الفلسطينية، تُعد عمليات تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل من أكبر المخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية في الوقت الحالي. حيث تسعى عمليات التطبيع هذه في المقام الأول إلى إعادة هيكلة الروابط والقيم والمفاهيم العربية والإسلامية تجاه الاحتلال، بما يتوافق مع الرؤية الصهيونية. كما وتهدف إلى فصل فلسطين عن جوانبها العربية والإسلامية، بهدف التحكم في مسار القضية واستصغار دورها ومن ثم إغلاق ملفها، والتسليم لإسرائيل بقيادة المنطقة سياسيًا واقتصاديًا تحت ما يُوصف بوباء "التطبيع"، وإن الذي حصل مع إسرائيل والدول المطبعة هو مكسبٌ أحادي لإسرائيل.
فالتطبيع بالنسبة لنا ليس مجرد توقيع اتفاقيات، بل هو إنكار حقوقنا التاريخية والقانونية وفرض واقع تهويد وضم الأرض التي ما زالت توصف بالمحتلة وفقًا لأحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة مثل القرار"242" الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، بالإضافة الى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم"2334" الذي ينص على مطالبة اسرائيل بوقف سياسة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغيرها من القرارات التي تطالب اسرائيل بوقف الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني وهو بذلك يعكس عجز العالم الدولي عن الوفاء بالعدالة والقانون.
على الرسمية الفلسطينية أن تبدأ في مواجهة ظاهرة التطبيع هذه من خلال تعزيز الجهود على الصعيد الدولي، وتوضيح التبعات السلبية والخطيرة للتطبيع على عملية السلام، وحماية حقوق الفلسطينيين، وتشجيع التعاون مع الحلفاء الداعمين للقضية. كما تندرج واجبات الحكومة الفلسطينية تحت منهجيات سياسية وثقافية تجمع بين توعية الرأي العام وتسليط الضوء على ممارسات الاحتلال بحق الفلسطينيين، وتوجيه جهود مشتركة نحو تحقيق التضامن على مستوى الأمة العربية.
لا يختلف أحد على أن عالم السياسة يحمل مفاجآته الخاصة، إلا أن السؤال البارز يظل يتسلل: هل ستتجه جميع الدول العربية نحو التطبيع مع إسرائيل في المستقبل؟ مع العلم أنه يمكننا رؤية بعض الدول التي تنضم إلى طابور الانتظار فيما تبدي أخرى تحفظاتها على الفكرة علنًا خوفًا من ردود الفعل الشعبية وتفضل التعامل مع هذا الملف من وراء الكواليس، سيبقى الجواب على هذا السؤال معلقًا فيما نشاهد هذه الدراما الدولية المستمرة.
المستقبل يقع على عاتق الشباب في قطاع غزة - فريدة الغول
عقد ونصف من الزمان وما يزيد ببضع سنوات، هو عمر الانقسام الفلسطيني، الذي صنع لنا كيانين سياسيين منفصلين، كل منهما يطرح مشروعاً سياسياً ذو استراتيجية متناقضة مع الأخر، لتولد لنا هذه الحقبة الزمنية الطويلة، جيل فلسطيني جديد، بأفكار مختلفة ووعي عدائي للأخر، يستمده من المشهد السياسي المشوه الذي يغذي الفكر القائم على التحارب والتنافر ورفض الاخر، بحكم التفرقة السياسية والاجتماعية التي أنتجها الانقسام، واَثرت على تكوين وجدان الجيل الجديد. برؤية سريعة نتعرف على بعض الاَثار السلبية التي خلفها الانقسام الفلسطيني على هذا الجيل والمتوقع تأثيرها على الأجيال القادمة.
لعل اهم الاثار السلبية للانقسام السياسي الفلسطيني على الشباب يكمن في التفكير اليومي بالهجرة كملاذ أخير للتخلص من أوضاعهم المأساوية. من واقع ضيق الاَفاق وعدم الثقة في مستقبلهم في وطنهم، بدأ الشباب الفلسطيني في قطاع غزة يرون الهجرة كسبيل للهروب من الواقع الصعب الذي يعيشونه. يشعرون بأن الظروف المعيشية الصعبة التي خلقها الانقسام، حيث محدودية فرص العمل بسبب ضعف مستوى التنمية الاقتصادية التي تأثرت بشكل كبير بفعل الحصار المفروض على غزة من أكثر من عقد ونصف من الزمان، تقودهم للبحث عن أمل خارج حدود القطاع، فهو الملاذ الذي يشعروا أن من خلاله سيعثرون على فرص تعليمية عالية الجودة، وإمكانية العمل والرقي في مستقبل يلبي تطلعاتهم. للأسف لا توجد احصائيات دقيقة لأعداد الشباب الذين تركوا قطاع غزة منذ الانقسام ولم يعودوا. غالبية فئة الشباب غير مبالية بنوع الهجرة، سواء الشرعية او تلك الغير شرعية منها، حيث يصب جل اهتمام الشاب بالخروج من قطاع غزة، حيث القول السائد "أي مكان في العالم أفضل من غزة". هذه الجملة التي أصبحت تتكرر من العديد من الشباب، لها بالطبع اثارها السلبية على المجتمع الفلسطيني ككل في المستقبل القريب والبعيد ايضا. حيث سيترتب في هذا الاتجاه اثار اجتماعية واقتصادية جمة، فعندما يفقد المجتمع نسبة ليست بالقليلة من شبانه بحثاً عن حياة أفضل، سيصنع هذا فراغاً في سوق العمل في المستقبل، وارتفاع في عنوسة النساء، بالإضافة للاعتبارات السياسية المتعلقة بالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان على الدوام يهدف من خلال جملة السياسات الاحلالية التي يتبعها إلى عملية تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وهذا ما كان عنوان لسياساته منذ النكبة عام 1984، ففي العقدين الأخرين من الزمن ووفق الاحصائيات الرسمية التي أعلنتها قناة العربي الجديد فلقد هاجر اكثر من 200 الف شاب الأراضي الفلسطينية.
من الاثار السلبية التي خلفها الانقسام الفلسطيني أيضا تفاقم مشكلة الادمان على المخدرات، حيث احدث هذا الانقسام السياسي المجتمعي تغييرات جذرية في واقع المجتمع في قطاع غزة، خاصة على سلوكيات الشباب ومظاهر حياتهم، ليتزايد معها فكرة الهروب من الواقع، وتتزايد مشكلة الادمان على المخدرات بشكل مقلق في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من تأثر مختلف شرائح المجتمع بهذا الانقسام، إلا أن فئة الشباب تعتبر الأكثر تضرراً، خصوصا مع تأثرهم بالبيئة المعيشية الصعبة وفقدان الامل في حياة اجتماعية اقتصادية ذات افق للمستقبل. عندما يرى خريج الجامعة بانه يحتاج لسنوات للعمل كمتطوع وعند إيجاد فرصة عمل، ذات راتب زهيد، يكون بها الأذلال هي سمة التعامل مع ارباب العمل. هذا الوضع خلق حالة من الظروف النفسية الاجتماعية المعقدة، التي تجعل من الشاب عرضة لخطر الانزلاق إلى التعاطي مع المخدرات للهروب من الواقع المر، مما سوف يترتب عليه وضع اجتماعي ونفسي أسوأ من السابق.
النموذجين السابقين المتعلقين بالهجرة والادمان، بالإضافة لانعدام الفرص الوظيفية، وانخفاض مستوى التعليم والتدريب وانعدام الأمان والاستقرار، بالإضافة الى الضغوط النفسية، وضعف وجود الفرص الثقافية والترفيهية، وضعف الثقة في المؤسسات والقيادات، خلقت حالة من التيه خاصة لدى الشباب، ومثلت لهم حالة من التحديات الكبيرة، ليسوا هم بقادرين على مواجهتها والتغلب عليها.
مما لا شك فيه، فأن هذه الحالة تستدعي تدخلات سريعة ومستدامة وشاملة لإعادة خلق بيئة اجتماعية أفضل، من خلال رفع مستوى التنمية الاقتصادية، لخلق فرص عمل لدى الشباب من اجل تكوين مستقبلهم الخاص بهم. الوصول لهذا الهدف في ظل الانقسام الفلسطيني، كمن يبحث عن ابرة في كومة قش، أو من يعيش في نفق مجهول المسار وهو ينتظر الضوء الذي سيأتي من أخره، والذي تأخر لأكثر من ١٧ عام في ظل التراكمات التي ينتجها أطراف الانقسام، وحالة الهروب الدائم الذي يمارسونه في استيعاب حجم الكوارث التي أفرزتها سياساتهم. هذا التوصيف السابق، ورغم أنه في ظاهره يبدو وكأنه سيغرق صاحبه في اليأس، إلا أن الأمل يبقى قائماً على الدوام، والقدرات الاستثنائية التي يمتلكها الشباب الفلسطيني أكبر من التوقعات. العامل الأهم في هذا المقام هي الثقة في النفس لتغيير الواقع الذي يعيشه الشباب، فلا يحط جلدك الا ظفرك. على مر الزمان اثبت التاريخ بأن الشباب لديهم طاقة جبارة، قادرة على التغيير والتحرك نحو التفاعل المجتمعي. الشباب يستطيع أن يصنع واقعه بنفسه إذ ما قرر الانتفاض على واقعه الحالي، سوف يأتي بحلول إبداعية تعزل عنه الاثار السلبية التي عايشها خلال العقد والنصف من الزمان، ويستطيع ان يجعل له دور ريادي يستجمع قواه الجمعية، ويخوض معركته السياسية والاجتماعية في سبيل الوصول إلى خلق مستقبل ذو افق واضح المعالم. أولى الخطوات تكمن في رفض الواقع الذي يعيشه، ورفض البقاء على حالة الانقسام المقيت، واجبار القيادة السياسية لإنهاء هذا الانقسام، سواء بالعصيان المدني، او المظاهرات السلمية اليومية. انهاء الانقسام يعني بالتأكيد العمل أيضا فيما بعد على انهاء الاحتلال الإسرائيلي. وهذا يتطلب الاتفاق على برنامج سياسي موحد، سواء عن طريق حل الدولتين، او الدولة الواحدة. الشباب الفلسطيني هو العمود الفقري الأول الذي تستند عليه القضية الفلسطينية.
لن يعجز الشباب الفلسطيني من إيجاد الاليات التي سيعمل من خلالها، والتي يجب أن يكون في مقدمتها الحوار والتواصل والضغط والمناصرة، بحيث يمكن للكيان الشبابي استخدام منصات الحوار والتواصل لتوحيد وجمع طاقات الشباب حول أهداف مشتركة، تتحقق من خلالها أهدافهم المستقبلية وخلق واقع أفضل للمستقبل.
حل الدولة الواحدة، هل يُصبح واقعاً ؟! - عبير محمد لُبّد
خاض الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي مسارًا طويلًا من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة.
كانت اتفاقية أوسلو المُوقعة في سبتمبر عام 1993م، نتيجة لسلسلة من المفاوضات المباشرة بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، ونصت الاتفاقية على إقامة حكومة ذاتية انتقالية محلية، تم تسميتها فيما بعد "السلطة الفلسطينية"، في الضفة الغربية وقطاع غزة مع استمرار المفاوضات بين الطرفين، وإقامة دولة فلسطينية بحلول عام 1999م.
مؤتمر طابا، عُقد في مصر عام 1995م؛ لتعزير المفاوضات والتوصل إلى تسوية وحل لإنهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، كمرحلة ثانية من اتفاقية أوسلو، اجتماع الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني؛ بهدف تحديد الحدود، وبدأ الانسحاب الاسرائيلي من بعض المدن الرئيسية؛ تميهدًا لإجراء انتخابات برلمانية تشريعية ورئاسية.
لتسوية وحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، تكاثفت الجهود الدولية والإقليمية، وشهدت الألفية الثانية مساعٍ دولية واسعة لإنجاح المفاوضات بين الطرفين على مبدأ حل الدولتين – على أساس قيام دولتين؛ دولة اسرائيلية على أراضي فلسطين المحتلة عام 1948م، وأخرى فلسطينية، تقوم على أراضي حدود 1967م، وكانت خارطة الطريق عام 2003م، المُقدمةَ من قبل اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، وتنص على إقامة دولة فلسطينية بجانب دولة اسرائيلية، واستمرار المفاوضات؛ لتحقيق التسوية النهائية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي بحلول 2005م.
وأعقب ذلك جولات طويلة من المفاوضات بين الطرفين، كانت تتوقف حينًا بسبب الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، والاعتداءات والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وتُستأنف من جديد إلى أن توقفت تمامًا في مطلع عام 2014م.
المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية لم تتوصل إلى حل وتسوية بين الطرفين وفقا لمبدأ حل الدولتين، وبذلك حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على مبدأ حل الدولتين حُكمَ عليه بالموت، وهذا ما أشار إليه القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان خلال لقاء تلفزيوني عبر قناة سكاي نيوز عربية، قائلًا: "حل الدولتين مات، وفشلت المفاوضات في تحقيقه"، وعرض دحلان خلال مقابلته حل الدولة الواحدة لشعبين متساويين في الحقوق كبديلًا لمبدأ حل الدولتين لصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
حل الدولة الواحدة، وهو إقامة دولة واحدة على كافة أراضي فلسطين من النهر إلى البحر، تكون موطنًا لكافة الأديان؛ المسيحي واليهودي والمسلم، يتساوي فيها العرب واليهود بالحقوق والواجبات تحت كيان واحد، ويعد هذا الحل موضع جدل ونقاش خاصة حول النظام السياسي وشكل الدولة وقوميتها.
حل الدولة الواحدة أصبح موضعًا للنقاش والمفاوضات؛ لبحث السيناريوهات المقترحة لنظام السياسي وهوية وقومية الدولة الواحدة، رغم تحركات اسرائيلية على أرض الواقع في سبيل تحقيق دولة واحدة ذات سيادة اسرائيلية، من خلال زيادة وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية.
الحكومة الاسرائيلية صادقت على بناء أكثر من 6 آلاف مستوطنةً في الضفة الغربية في مطلع العام الجاري، شهد عام 2022م إعطاء تراخيص لبناء ما يفوق عن 12 ألفَ وحدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية ووفقًا لتقرير صادر عن معهد الأبحاث التطبيقية الفلسطينية (أريج)، ويشير التقرير ذاته إلى تضاعف المساحة العمرانية للمستوطنات الاسرائيلية منذ توقيع اتفاقية أوسلو من 1.2% من المساحة الكلية للضفة الغربية إلى ما يشكل 3.5% من المساحة الكلية للضفة الغربية في العام المنصرم، ويقابله ارتفاع في عدد المستوطنين الاسرائيليين ليفوق المليون.
الوحدات الاستيطانية تمركزت في مناطق (ج) التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، بالإضافة إلى الوحدات الاستيطانية في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية (أ)، (ب)، التي بدأت بالتأكل في ظل تفشى ظاهرة الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية، والانتشار اللاشرعي للوحدات الاستيطانية الاسرائيلية، وبناء الجسور والطرق الرئيسية في كافة مناطق الضفة الغربية بشكل منظم وممنهج؛ مما تضاءل معه فرص حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على مبدأ حل الدولتين، واستحالة إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على مناطق متُفرقة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
تحاول إسرائيل من التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية إلى منع فرص قيام دولة فلسطينية، وجعل الفلسطينيين أقلية في الضفة الغربية، مستغلةً تعثر المفاوضات وحل التسوية، وحالة الانقسام السياسي في الطرف الفلسطيني من جهة، ومن جهة أخرى تراجع الاهتمام الأمريكي بالقضية الفلسطينية لحساب الملف النووي الايراني وملف افغاستان والشأن الداخلي، عدا الاهتمام الدولي بتطورات الحرب الروسية الأوكرانية والمشاكل الدولية الأخرى.
شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية تصاعدًا لصالح الأحزاب اليمينية الداعمة لمشروع الاستيطان، وفرض السيادة الاسرائيلية في الضفة الغربية، وترحيل الشعب الفلسطيني من الضفة الغربية، صاحبه انزياح في الشارع الاسرائيلي نحو حل الدولة الواحدة، هذا ما كشفته الدراسات الصادرة عن معهد دراسات الأمن القومي في اسرائيل.
حل الدولة الواحدة، هو أيضا مقبولُ فلسطينياً، وطرحت فكرة الدولة الفلسطينية الديمقراطية العلمانية يتعايش فيها اليهودي والمسلم والمسيحي من قبل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1971م.
في ظل تواصل السياسة الاسرائيلية في التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، والتغييرات الديمغرافية والتوزيع السكاني في فلسطين، بالإضافة إلى الحالة السياسية في الطرف الفلسطيني، يجعل حل الدولتين مستحيلًا من الناحية العملية، وحل الدولة الواحدة هو الأنسب طرحًا للنقاش والتفاوض.
مقابر الأرقام.. غطاء لنهب الأعضاء - سنابل الغول
هل فكّرت من قبل ماذا يحدث لجثامين الفلسطينيين التي يحتجزها الاحتلال في مقابر الأرقام؟ وما هو حال أعضائهم؟ هل يسرقونها؟ والجثث المجمدة داخل الثلاجات بدرجة ٣٥ مئوية تحت الصفر، ماذا يفعلون بها؟ هل تستخدم بإجراء تجارب طبية في المعاهد والجامعات؟
ماذا لو كان الاحتلال الذي سرق الوطن واقتلع أرواح أبناءه يتبختر جنوده الآن وبداخلهم أعضاء الشهداء، تُحييهم بعد أن نهبوها هي أيضاً؟!
إن المتفحص في السرية المُطبقة التي ينتهجها الاحتلال والإجراءات الصارمة المفروضة على الأهالي حينما يتسلموا جثامين أبنائهم المجمدة مع شرط عدم تشريحها وأيضاً حضور عدد محدود عند الدفن يجدُ أن هنالك دوافع غامضة وأن ذلك ما هو إلا غطاء لممارسات غير قانونية ترتكبها دولة الاحتلال، إنها تنهب ما في جيوب الأموات الفلسطينيين من أعضاء حيوية.
لقد أكد هذا طبيب تشريح فلسطيني من مشفى جامعة النجاح في نابلس رفض الكشف عن اسمه للسرية خلال تصريح خاص له عبر موقع عربي بوست والذي قال فيه أنه يوجد آثار تشريح لعدد من جثامين الشهداء بعد استلامها من الصليب الأحمر وفحصها، وما تم رصد سرقته من الجثامين هو قرنية العين، قوقعة الأذن، الكبد، الكلى، القلب، خلايا من الدماغ والنخاع الشوكي وأنسجة جلدية سميكة من أعلى الفخذ.
ناهيك عن تصريح رئيس الحكومة “محمد شتية" في يوليو٢٠٢٢ خلال جلسة مجلس الوزراء الذي كشف فيها عن امتلاك الحكومة معلومات مؤكدة تثبت أن بعض كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية تقوم باستخدام وسرقة جثامين الشهداء الفلسطينيين.
السؤال هنا، طالما أن الحكومة الفلسطينية لديها معلومات وأدلة لماذا لا تتجه بشكل عاجل إلى محكمة الجنايات الدولية وتُحرّك هذا الملف في المجتمع الدولي للضغط على دولة الاحتلال ومحاكمتها؟!
فكل هذه البشاعة واللاإنسانية التي يرتكبها الاحتلال بحق جثث الفلسطينيين هي انتهاك واضح وصريح لكافة المواثيق الدولية وصكوك حقوق الإنسان التي صادقت عليها الأمم المتحدة والتي ترفض بشكل قاطع احتجاز الجثامين، فسياسة احتجاز جثامين الشهداء وفرض شروط مقيّدة على مراسم التشييع عقوبةً جماعيةً تحظرها المادة 50 من اتّفاقيتي لاهاي والمادة 27 من اتفاقّية جنيف الثالثة والمادة 33 من اتّفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، كما يُصنف احتجاز الجثامين ورفض سلطات الاحتلال الإفصاح عن مكانها تحت تعريف جريمة الإخفاء القسري الوارد في الاتفاقية العالمية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
كما تنتهك دولة الاحتلال اتفاقية نظام روما للعام 1998 ولا سيما المادة "8" جرائم الحرب والتي يندرج تحتها "التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية".
بالمناسبة، إن تفجير قنبلة سرقة الأعضاء التي دوّت في العالم يعود إلى الصحفي السويدي دونالد بوسترام الذي نشر مقالاً في أغسطس/2009 أسماه " أبناؤنا نُهبت أعضائهم" عبر صحيفة Aftonbladet، والذي تحدث فيه عن سرقة دولة الاحتلال أعضاء شبان فلسطينيين بعد قتلهم وبيعها لمنظمة تجارة الأعضاء البشرية في نيوجرسي والتي تضم عدداً من الحاخامات الأمريكيين، وقد تحدث أيضاً عن كونه شاهد عيان إبان الانتفاضة الأولى على عدة قضايا لبعض الجثث التي جلبتها قوات الاحتلال للأهالي في جنح الظلام وقد شُقت من البطن حتى الذقن بعد اختفاء الشبان لأيام، وقد أثار ما ذكره بوسترام غضب سلطات الاحتلال التي هاجمته وأقامت ضده حملات واتهمته بمعاداة السامية.
لكن ما لبثت دولة الاحتلال حتى تلقت صفعة قوية تكشف زيف ادعاءاتها في عام 2014م حينما صدر كتاب " الجسم المتبقي" للطبيبة الإسرائيلية والخبيرة في علم الإنسان مئيرا فايس والتي وثقت فيه ما شاهدته أثناء زيارتها في معهد أبو كبير للطب الشرعي- تل أبيب ما بين عامي 1996- 2002، حيث تبين لها في المعهد كيف يتم فصل جثث الجنود واليهود عن جثث الفلسطينيين ويمنع منعاً باتاً استئصال أعضاء من الجنود، فيها يتم استئصال الأعضاء والجلد من جثث الفلسطينيين وإرسالها إلى بنك الاعضاء، من أجل زرعها في المرضى أو إلى كليات الطب لإجراء الأبحاث عليها.
وتمت الإشارة في الكتاب إلى أن الانتفاضة الأولى عام 1987م كانت هي الفترة الذهبية لسرقة الأعضاء بحرية ودون رقيب كما وصفها العاملون في المعهد الطبي حيث وصلت جثث كثيرة للفلسطينيين وبأمر عسكري تم تشريحها وسرقة أعضائها.
وما يثير الدهشة فيما شرحته فايس أن عمليات السرقة لا يمكن تمييزها من قبل أشخاص غير مهنيين، فهنالك براعة ودقة في إخفاء نقص الأعضاء، فمثلاً يتم استبدال قرنيات الشهداء بأدوات بلاستيكية، والجلد يتم استئصاله من منطقة الظهر كي لا تنتبه العائلة.
وسط كل هذه الأدلة والأوراق الرابحة ووجود شهود عيان على جرائم الاحتلال بحق جثامين الفلسطينيين الذي لم يكتف بقتلهم بل تعداه إلى انتهاك حرمة أجسادهم الميتة، وحرم ذويهم من تشييع جثامينهم ومواراتها الثرى؛ ماذا ينتظر الفلسطيني ليحاكم إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية؟
أمَا آن الآوان لتكثيف الجهود وقرع جدران الخزان لكشف المزيد من الاثباتات ورفع الستار عن لاإنسانية " إسرائيل"، التي تنتهج سياسة العقاب الجماعي وتحتجز الجثامين وتخفيها قسرياً وتتعامل معهم على أنهم أرقام!
فشهداؤنا ليسوا أرقاماً إنما هم بشراً كانوا يحبون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلاً، لكنّ محتلهم جلدهم بسياط الموت وانقض بكامل عنصريته على جثثهم كذئب جائع فاقتلع أعضائهم ليعيش هو ويموت الفلسطيني!
صفقة على نار هادئة! - ظريفة حسن
كالعادة، جالسة وحدي أفكر في ما آلت إليه أوضاع هذه البلاد العفية!، فوجدت أنه في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن تمر أمورًا كالمياه من تحت ارجلنا دون أن نشعر بأي لسعه برد أو موجة حر، كالمبعوث الأول للشؤون الفلسطينية والتغيرات الديمغرافية في المستوطنات في الضفة الغربية، وميناء غزة والتسهيلات الاقتصادية، والتطبيع مع الدول العربية والركض نحو السعودية!!. أنحن ذاهبون نحو حل هذه القضية وجعلها منسية؟، حينها فقط دق سؤال جرس إنذار عقلي وقال: يا فتاة هل كل ما يحدث الآن له علاقة ب صفقة القرن والخطة الترامبية؟!
إذا ما رجعنا للتاريخ فإن بايدن ما هو إلا نسخة مكررة عن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وفي اعتقادي أن السبب ناجم عن أنه كان نائبًا له خلال فترات رئاسته، مما جعله يتشبع بنهجه ويسير بخطى مشابهة، ولذلك لم يكن مفاجئًا أن يعين حوله مستشارين كانوا متواجدين معه في حكومة أوباما.
بل المفاجأة أنه وللمرة الأولى في التاريخ تعين الولايات المتحدة مبعوثًا خاصًا للشؤون الفلسطينية بحسب موقع (i24 العبري)، وهو "هادي عمرو"، والذي كان يعمل ضمن فريق وزير الخارجية الأمريكي السابق "جون كيري" لشؤون المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" خلال الفترة ما بين 2013 و2017.
وأود أن أخبرك عزيزي القارئ بأنه لم يدم عمرو طويلًا في منصبه، فسرعان ما استبدل الرجل اللبناني الأصل، الذي رفض صفقة القرن ووصفها في مقال له بأنها "مهزلة"، بآخر وهو "أندرو ميلر" والذي عمل كمستشار سياسي في البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ومديرا للشؤون العسكرية لمصر وإسرائيل في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض خلال إدارة أوباما؛ بحسب ذا تايمز أوف إسرائيل.
كل ذلك يدلل على وجود شيء ما في ذهن بايدن يريد تمريره بما يخص القضية الفلسطينية، وبالنظر إلى التطابق بين سياسته وسياسة أوباما فإنه يسعى إلى استقرار الأوضاع فقط لا أكثر في سياسته الخارجية وبالأرجح عن طريق تمتين الدور المصري كوسيط بحكم الجغرافيا والتاريخ لمصر.
على صعيد آخر، فلو نظرنا إلى الضفة المحتلة، نجد أنه بعد أن كانت البؤر الاستيطانية اهي المحاطة بالأسوار وتعتبر كدخيل على أراضينا، أصبحنا نشاهد أن القرى الفلسطينية هي المحاطة بالمستوطنات!!، مفارقة غريبة فعلًا!!
ولكن الأغرب من ذلك، حينما ننظر إلى التقرير السنوي لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، والتي أوضحت فيه أنه قد بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس 726 ألفًا و427 مستوطنًا، موزعين على 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية (نواة مستوطنة)، أقيمت 10 منها خلال عام 2022، أي في عهد بايدن!
هذا التصاعد في عدد السكان المسكوت عنه أدى إلى خلل ديمغرافي، حيث إن نوعية المستوطنين المتواجدة في هذه المستوطنات هي من الحريديم، وبحسب تقرير نشرته الجزيرة نت في 10 يناير 2023، فإن 53% من الحريديم يقطنون في مستوطنات ذات أغلبية حريدية مثل "موديعين عيليت" و"بيتار عيليت" و"إلعاد" المقامة على أراضي الفلسطينيين بالضفة الغربية، أو في أحياء سكنية داخل مدن كبيرة، مثل صفد وطبريا وأسدود وملبّس (بيتاح تكفا) وحيفا وصرفند، وأم خالد (نتانيا). بينما يقطن أكثر من 40% من اليهود الحريديم في مدينة القدس وفي منطقة "بني براك" قرب تل أبيب، و7% منهم يسكنون في مستوطنة بيت شيمش قرب القدس.
فالمستوطِنة الإسرائيلية الحريدية على سبيل المثال في "موديعين إليت" تتمتع بمعدل ولادات أعلى من كل بلدات ومدن إسرائيل والأراضي الفلسطينية (7,59 طفلا لكل امرأة)، بحسب التقرير السابق.
بينما المعدل بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية، قد انخفض إلى حد كبير، فلا يتجاوز اليوم 3,2 ولادة لكل امرأة، نظرًا للأوضاع الاقتصادية، بالإضافة إلى هجرة الأجيال الشابة التي تتزايد يومًا بعد يوم بسبب سياسات الاحتلال الساعية للتضييق عليهم، كل هذه المعطيات تمكننا من استقراء الخلل الديمغرافي الذي سيحدث مستقبلًا وهو تكاثر المستوطنين وازدياد الطلب على الأرض على حساب الحق الفلسطيني.
أما عن غزة، فقد وضعوا لها جهاز الإنعاش على اليمين تصاريح العمال للداخل المحتل التي تزداد كل فترة، حيث وصلت في آخر تحديثاتها إلى نحو 18500 عامل من غزّة، منهم 12 ألفًا بموجب تصاريح احتياجات اقتصادية، بينما عدد المسجّلين على برنامج الدخول الموحّد يقدّر بـ 140 ألفًا، منهم 128 ألفًا على قائمة الانتظار، حسب تصريح رئيس اتحاد نقابات العمال في غزّة سامي العمصي للجزيرة نت يوم 13 من أغسطس 2023.
وعلى اليسار المحادثات الدائرة حول غازها في حقل غزة مارين البحري، المسكوت عنه فلسطينيًا والمصرح عنه إسرائيليًا وأوروبيًا، ففي الـ 16 من يونيو عام 2023 نشرت فرانس 24 خبرًا بعنوان غريب وهو "إسرائيل توافق على تطوير حقل غاز غزة مارين الذي يحتوي على ما يلزم الأراضي الفلسطينية من طاقة".
واللافت في الأمر أن الموقع أشار إلى أن الحقل يحتوي على أكثر من حاجة الفلسطينيين من الطاقة حيث بإمكانهم تصديره والاستثمار فيه، وهي عملية تأمين للموارد الطبيعية والاكتفاء الذاتي لمرحلة "ما يشبه الدولة" وهو ما يمهد لغزة أن تكون شبه دولة مستقلة، وذلك استنادًا لاستراتيجية معظم زعماء دولة الاحتلال –ومنهم نتنياهو- القائمة منذ اتفاقية أوسلوا على نهج "أكبر من حكم ذاتي وأقل من دولة"، وقد طرح هذا الأمر من قبل في خطة غيورا آيلاند.
أما عن العرب فقد قضي عليهم إما بفعل أزماتهم الداخلية أو أطماعهم الاقتصادية، فبعد أن وقعت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب في فخ التطبيع، جاء دور السعودية، فلو كان بايدن غير معني بصفقة القرن أو بمحتواها، لما سعى بعدة طرق إلى إبرام اتفاق تطبيع معها على اعتبار أنها رأس العالم العربي والإسلامي، فتطبيع السعودية مع إسرائيل هو بمثابة انتهاء لحقبة أسلمة القضية.
فجو بايدن يريد أن يحقق إنجازًا في السياسة الأمريكية الخارجية قبل انتخابات عام 2024، وهو ما دفع مراقبين للقول أن إدارة بايدن تضع نُصب عينيها التَوَصْل إلى مثل هذا الاتِّفاق، بحلول شهر آذار/ مارس من العام 2024، قبل أن تغرق في تفاصيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، بحسب ما نشرته بي بي سي في 22 أغسطس / آب 2023.
وبالنظر إلى هذه المعطيات بكليتها نجد أنها تشير إلى أن دولة غزة قادمة لا محالة، وقد بدأت تظهر إرهاصاتها على الأرض، وفي الوقت نفسه فإن الضفة متآكلة بفعل الاستيطان قبلنا أم رفضنا، فالنظرية الواقعية تسمو في غالب الأحيان فوق أي اعتبار، والاستيطان في القدس تحديدًا وصل إلى نقطة اللاعودة، والاعترافات ونقل السفارات إليها يزداد، بالمقابل فإن المطلوب فلسطينيًا بسيط جدًا هو الوحدة والتخطيط المشترك والخروج من حالة الضبابية السياسية، فقد سمعناها كثيرًا في دروس الحياة أن من لا يخطط فهو يخطط لفشله، ومن لا يخطط سيكون جزءًا من تخطيط الآخرين، لكنني أقول: من لديه ضباب دائم وسحب منخفضة فلن ير النور إلا أن تشرق شمس وفي حالتنا الفلسطينية نحتاج لمعجزة وما يدريك لربما تأتي؟!.
عملية الخليل (الشبح)...فخ عسكري!!! - رنا جودة
منطقة أمنية معقدة تحيطها كاميرات مراقبة تسمى "الذئب الأحمر"، تجاوزها شابان فلسطينيان قاما بعملية إطلاق نار على سيارة مستوطنين قرب مستوطنة كريات أربع في الخليل، قتلت خلالها مستوطنة إسرائيلية وأصيب آخر بجروح، والمستوطنة مجهزة بأحدث التقنيات الأمنية تعمل على مسح وجوه الفلسطينيين وحفظ بياناتهم، وبالتالي تملك داتا تجعل وقوع عملية مع فرار المنفذ أمرا معقدا، جرى اعتقال المنفذين بعد أقل من 24 ساعة على العملية، عزيزي القارئ أنت أمام مشهد واقعي خلقه الفلسطينيين، فما تركوا لنا إلا أن نتابع تفاصيل السيناريو بكثير من الاثارة والتشويق.
العمل الفردي شكل جديد من أشكال النضال الفلسطيني، يلجأ له الفلسطينيون معتمدين على السلاح الأبيض، أو الأسلحة النارية الخفيفة، أو عمليات الدهس، وهو عمل فردي بحت فبغض النظر إن كان منفذ العملية عضوا في تنظيم أو مناصرا له أو مستقلا فالمؤكد أنها عمليات فردية لا تنتمي لأي فصيل فلسطيني، وهي عمليات تبدأ من البداية للنهاية بتخطيط وتنظيم وتنفيذ فردي، فكل فلسطيني هو مشروع مقاوم للمحتل.
برزت العمليات الفردية منذ عام 2014، وهو نتاج طبيعي يرجع إلى تراجع العمل المقاوم في الضفة الغربية نتيجة للعديد من الأسباب يأتي في مقدمتها الانقسام الذي ساهم في تفتيت العمل المقاوم، وتوجيه الجهود الوطنية والمؤسساتية لإثبات كل من حكومة غزة والضفة أنها على حق والآخر شيطان رجيم، وبالتالي مهّدت الفصائل للصراعات الداخلية والانقسام.
المقاومة الفردية لا تتغذّى بالسياسة، بل بروح شعبٍ مظلوم يعتدى عليه أمام العالم دون تحريك ساكن، فجدار الفصل الذي التهم مساحاتٍ واسعة من الضفةِ، وأيام الفلسطينيين التي تسحقها الحواجز خلال عمليات التنقل لإنجاز مصالحهم اليومية لتتحول أيامهم لجحيم على الحواجز، إضافة للتصعيد الإسرائيلي والعمليات العسكرية المستمرة لمدن الضفة الغربية، وعمليات الضم والتوسع الاستيطاني في مناطق السلطة الفلسطينية، والاعتقالات الواسعة في صفوف الفلسطينيين، ناهيك عن الضغط السياسي والاقتصادي والأمني المفروض على المواطن الفلسطيني.
تتشابه العمليات الفردية مع الانتفاضة فكلاهما شكل متجدد للمقاومة، أنتجته ظروف وأوضاع سياسية ساهمت في ابتكار أشكال لمقاومة الاحتلال، رد فعل طبيعي لوضع حد للانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي، وكلاهما نتاج للفلس السياسي الفلسطيني والإقليمي فالانتفاضة جاءت لتحيي القضية الفلسطينية على الصعيد العربي والعالمي، بعد أن تم اقصاء منظمة التحرير لتونس، وأضحى التباعد الجغرافي مؤثرا سلبيا على عمليات المقاومة بالداخل الفلسطيني، واضعاف للعمل السياسي، وأثر سلباً على القيادات الفلسطينية وعلى العمل العسكري، فوضعت القضية على سلم أولويات وسائل الإعلام، وبالتالي نالت اهتماما عالميا، وأضحت أداة ضغط لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، كان نتاجها أوسلو.
أما المقاومة الفردية جاءت نتيجة لوضع السلطة الفلسطينية والتزامها باتفاقيات مع المحتل الإسرائيلي ساهم بتغير نهج المنظمة المقاوم للنهج السلمي وما تبعه من تغيرات من جهة، والانقسام الداخلي بين السلطة وحركة حماس المؤثر السلبي على القضية، ساهم في تهميشها وتحيدها في أروقة العمل السياسي خاصة مع سياسات التطبيع العربية التي منحت الاحتلال وممارساته ضد الفلسطينيين الشرعية.
ورد فعل على سياسات القمع والتنكيل "الإسرائيلية" التي تمارسها ضد الفلسطينيين، والتي زاد معدلاتها خلال الأعوام الماضية بصورة كبيرة تحمل الكثير من التوحش والشراسة ضد الفلسطينيين، خاصة مع وجود حكومات اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو تأتي العمليات الفردية لتضع المحتل الإسرائيلي وألياته العسكرية أمام مواجهه صعبة لعدد من الأسباب، أن العمليات الفردية يصعب السيطرة عليها أو تتبعها، ولا يمكن للعملاء وجهاز المخابرات الإسرائيلي معرفة خططها وإفشالها، فهي ممارسات فردية فالسر يكمن في عقل وقلب المنفذ، كما أن العمل الفردي يزداد وكأن المنفذ مشروع سلاح بشري متنقل على الأرض، وهو ما يشبه الشبح فعل بلا جسد، فنتائج العمليات الفردية أضحت واقع دون جسد محدد يمكن تتبعه، وبالتالي لابد من متابعة ومراقبة كل مواطن فلسطيني.
منفذو العمليات ليس لهم صفات محددة ولا انتماءات محددة (شبح)، العامل المشترك بينهم أنهم فلسطينيون الهوية والانتماء، لذلك فمن صعب عملية التتبع حتى مع تسخير كافة المؤسسات والأجهزة العسكرية.
ظهر جلياً من خلال بيانات جهاز أمن العدو العام “الشاباك” بين عامي 2022-2021 وجود زيادة كبيرة في العمليات العسكرية ضد جيش العدو خلال العام 2022 ومستوطنيه في الضفة الغربية، مقارنة ب 2021، وذلك وفقاً لصحيفة يديعوت أحرنوت العبرية. حيث وقعت 1933 عملية بزيادة قدرها 363 عملية مقارنة بالعام 2021، قُتل خلالها 29 مستوطناً وجندياً وأصيب 128 آخرون بجروح جراء العمليات التي نفذها الفلسطينيون ضد جيش الاحتلال ومستوطنيه، أما عام شهد 2021 وقوع 1570 عملية في الضفة الغربية، وقتل فيها 18 مستوطناً وجرح 196 في كيان العدو".
أما العام الحالي فهو الأعلى وفقاً لمكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "قتل 23 إسرائيلي منذ مطلع العام حتى شهر آب في عمليات فلسطينية"، والبيانات السابقة تؤكد عجز المنظومة العسكرية والاستخباراتية لدولة الاحتلال عن السيطرة على العمل الفردي الفدائي للفلسطينيين، بل بالعكس العملية الأخيرة في الخليل تبعها عدد من الإجراءات التي تنم في مكامنها على تخبط، حيث أعلنت الخليل منطقة عسكرية مغلقة، وسدت مداخلها كافة والبلدات المحيطة، وفرضت طوقا أمنيا شاملا، وأرسلت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى منطقة العملية، وأفاد نادي الأسير الفلسطيني أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت 50 مواطنا فلسطينيا في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية بسبب تلك العملية، وأن حملة الاعتقالات تركزت بشكل خاص في مناطق الخليل ونابلس وقلقيلية.
وتأتي خطورة العملية كونها أعقبت عملية حوارة جنوب نابلس، قتل فيها مستوطنان، ولم يتمكن الاحتلال من اعتقال المنفذ، ما يؤكد وجود حالة من الاستمرارية في العمليات الفردية دون وجود رادع، وبالتالي فكافة التدابير ما هي إلا محاولة غير مدروسة لتحقيق أمن للعدو، الذي بات مستحيلا مع عدم القدرة على وجود جهاز لقراءة الأفكار، ودراسة ردود الفعل لكل مواطن فلسطيني شكل قنبلة وطنية موقوتة.
الأكثر غرابة أن ممارسات الاحتلال من قتل منفذي العمليات الفردية وملاحقاتهم، وما يتبعها من عمليات هدم لمنازلهم خلقت من منفذي العمليات أبطالا خارقين وقدوة أضحى الكثيرون يسعون لنيل شرف تقليدهم، وعليه فهي دون وعي صنعت جيلا ذوي همم عالية وإرادة قوية لتحرير الوطن، من خلال الدفاع والمقاومة الفردية ضد الممارسات القمعية للمحتل.
ويبقى التساؤل هل يمكن أن تحقق العمليات الفردية النجاح للقضية الفلسطينية، في ظل المعطيات التي تدعو للتشاؤم على الصعيد الداخلي الفلسطيني، وعلى الصعيد الإقليمي والدولي؟ وهل يمكن أن تنجح في خلق واقع سياسي بعيدا عن اتفاقيات قيدت منظمة التحرير في العمل السياسي، مقابل عدو يتلاعب بالالتزام ببنود الاتفاقيات ويخلق ظروفا سياسية تساعده بالتنصل من الالتزام امام المجمع الدولي؟
هل تشكل العمليات الفردية الخيار الأمثل بعد تاريخ طويل من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، شمل الملاحقة والقتل والتنكيل بكل ما له علاقة بالمنظمة؟!
المواطن الفلسطيني ما بين انتهاكات إسرائيل وانتهاكات الحكومات الفلسطيني - لينا نسمان
تعرضت فلسطين للعديد من نيران الانتهاكات لحقوق الانسان الذي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي منذ ولادته على أرض فلسطين عام 1948م المبني على التمييز والعزل والهيمنة والوحشية والتفرقة، والفصل العنصري الذي يعتبر من الاعمال الإسرائيلية الذي تخالف القانون الدولي حيث يعطي الاولوية لحياة وحقوق الإسرائيليين فقط، الانتهاكات الجسيمة والمتكررة الذي يتعرض لها الفلسطينيين بما فيها السياسات التميزية تعتبر انتهاكا صريحا لأبسط مبادئ حقوق الإنسان.
إسرائيل تنفذ منذ البداية سياسات تعزز مصالح السكان اليهود وذلك في قانون الجنسية الاسرائيلية، وتم انشاء أحياء سكنية منفصلة للفلسطينيين (الضفة الغربية، قطاع غزة) وذلك بحصر الفلسطينيون وتقييد حقهم بالانتقال ومنع حركة ادخال البضائع، ومن سياسات نظام الفصل العنصري عزل الفلسطينيون عن بعضهم البعض، نزع ملكية الاراضي والممتلكات بالقوة، التفرقة والسيطرة، الحرمان من الحقوق الاقتصادية.
نرى وحشية الاحتلال الاسرائيلي من خلال عمليات القتل الغير مشروعة دون حساب أو رقيب، والتهجير القسري للأسر الفلسطينية واجبارهم على النزوح من مناطق سكنهم واعتقال الاطفال ما دون سن ١٨ عام حيث يعانوا من ظروف احتجاز قاسية ، هدم المنازل العقابية وفرض العقاب الجماعي المحظور بموجب القانون الدولي لردع الاعمال الفدائية، صعوبة الوصول الى المدارس والمستشفيات او الجامعات، من الجانب الاخر في المستوطنات لا يوجد هدم منازل ولا ازالة مدارس بل بناؤها وتطويرها ويتجولون بحرية داخل المستوطنات ولا يوجد من يعاقبهم او يمنعهم من الوصول الى المدارس والمستشفيات او اعتقال اطفالهم وقمع حريتهم بل يعيشون حياتهم على اكمل وجه .
في عام ٢٠٠٢ قامت إسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري الذي يمتد على طول الخط الاخضر يطوق و(يمر) على ٨٥% على الاراضي الفلسطينية، حيث ادى هذا الجدار الي فصل المجتمعات المحلية والأراضي الزراعية والاسواق والخدمات، ووجود نقط تفتيش التي تعوق (تؤثر) الحياة اليومية.
من الاعمال اسرائيل الشنيعة على قطاع غزة هي تحديد كميات الوقود التي تدخل على غزة، التي تستخدم أيضا في توليد الكهرباء، ما ادى الي قطع التيار الكهربائي بشكل متكرر ومستمر، وفي السنوات الماضية منع جميع أنواع مواد البناء، بالإضافة الى الاغلاق البحري الكامل بين الفترة والأخرى، وتحديد مسافة الصيد، ومنع أنواع عديدة من دخول السلع والمواد التصنيعية، والادوية والسيطرة على المصادر المشتركة للمياه، كما قامت ايضا بتقييد دخول المرضى من غزة الي اسرائيل ليتمكنوا من العلاج للأمراض الخطيرة وكان قاتلا في بعض الحالات.
طالت الانتهاكات الأسرى داخل سجون الاحتلال حيث يسمح للقانون الاسرائيلي باحتجاز الافراد لمدة ٦ شهور دون تهمة، حيث يوجد ما يقارب ٩٧٦ فلسطيني محتجز إداريا بشكل تعسفي داخل السجون الاسرائيلي وأن ٩٥% من السجناء عانوا من تعذيب واذلال وترهيب بالإضافة الى سياسة التعذيب بشكل ممنهج واتباع سياسة العزل والتفتيش العاري للأسرى والاسيرات.
لا تقتصر الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني على الاحتلال الاسرائيلي فقط بل قامت السلطة في الضفة الغربية وحركة حماس في غزة بالاعتقال و الاحتجاز التعسفي والقتل التعسفي، ووجود سجناء ومعتقلين سياسيين وهناك تشكيك في استقلالية القضاء، حيث تم وضع قيودا مفرطة على حرية التعبير والرأي وقيودا على الانترنت من خلال قانون الجرائم الالكترونية لعام 2018، وهناك العديد من الشكاوي المقدمة لمؤسسات حقوق الانسان، لاستخدام القوة المفرطة في التعذيب والعقوبات القاسية واللاإنسانية. حالة قمع المتظاهرين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الانسان اصحبت طبيعية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.
الانتهاكات الذي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من عمليات وهجمات عسكرية تعتبر مخالفة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الانسان الفلسطيني ،ويعتبر ايضا الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة واغلاق المعابر الحدودية من ضمن هذه الانتهاكات، لذا نطالب بإجراء تحقيقات فورية وشاملة ومستقلة في حوادث القتل خارج إطار القانون محاسبة جميع الجناة وانصاف الضحايا، ووضع حد للاعتقالات والاغتيالات التعسفية واجبار كل من ينتهك أي حق فلسطيني على الالتزام بجميع قوانين حقوق الانسان والالتزام بتوفير جميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسكانية للشعب الفلسطيني.
مخاوف إسرائيل من وحدة الصفوف - هند محمد أبو مغصيب
تُعَدُّ وحدة الصفوف بين الفصائل والجماعات الفلسطينية قضية حساسة ومهمة في السياق الإسرائيلي، حيث إن وجود صف موحد وقوي للفلسطينيين يُعَدُّ تحديًا لإسرائيل ويثير مخاوفها الأمنية والسياسية. لعل اهم وحدة الصفوف تكمن في المصالحة الفلسطينية، والتي يمكن ان تمت سريعا، أن يكون لها تأثير كبير على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي المنطقة الإقليمية بشكل عام.
تكمن أهمية المصالحة الفلسطينية في تحقيق وحدة الشعب الفلسطيني وتوحيد الموقف السياسي والاستراتيجي تجاه رؤي الحل السياسي، كما يمكن ان يتحقق الاستقرار الأمني، سواء الداخلي، او المتعلق مع إسرائيل، وقد يكون للمصالحة الفلسطينية تأثير إيجابي على الاستقرار الأمني في المنطقة بشكل عام، وتعزيز فرص السلام، وبالتأكيد سوف ينعكس إيجابا ويعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي. القاعدة السياسية تتحدث بأنه لا يمكن ان يكون هناك نمو وازدهار اقتصادي، طالما لم يتحقق الاستقرار السياسي والأمني، الذي بدوره يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الفلسطيني مع دول الإقليم.
بعض الباحثين يعتبرون ان إسرائيل تعمل جاهدة على إبقاء الانقسام الفلسطيني قائم، لأنها تعتبر الوحدة الفلسطينية تهديدًا للاستراتيجيات السياسية الإسرائيلية. وهذا ليس محل خلاف كبير، فمن المؤكد ان وحدة الفصائل الفلسطينية سوف تؤهلها للتمتع بقوة سياسية، ناهيك عن اهمية الوحدة في المجال العسكري. وحدة الصفوف تعني توحيد الجهود والاستراتيجيات لمواجهة إسرائيل ومنافستها، حيث يخشى القادة الإسرائيليون من أن تؤدي الوحدة الفلسطينية إلى تصعيد النضال ضد إسرائيل وزيادة الضغط عليها.
ومما لا شك فيه أيضا ان وحدة الصفوف الفلسطينية سوف تساهم في خلق التعاون المشترك، والتوافق على نهج محدد، مما سوف يساهم في تعزيز الشرعية السياسية للفلسطينيين في المجتمع الدولي تجاه قضاياهم مع دولة الاحتلال، خاصة عند تقديم الفلسطينيون صورة ورؤية موحدة للقضية الفلسطينية، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا لمصالحها وسياستها الخارجية.
طوال العقود الماضية، استفادت إسرائيل من الانقسامات الفلسطينية واستخدمتها كأداة للتحكم والتأثير على الساحة الفلسطينية، فوحدة الصفوف تعني نقص الفجوات والتوترات بين الفصائل، وبالتالي فشل استراتيجية إسرائيل في هذا الصدد.
تاريخيًا، كان لإسرائيل موقفٌ متباينٌ تجاه المصالحة الفلسطينية، وقد ساهم هذا الموقف في عرقلة التوافق بين الفصائل الفلسطينية، ومع أن هناك تطورات مستمرة في المشهد السياسي، إلا أنه من المهم فهم بعض الجوانب الرئيسية لموقف إسرائيل وكيفية تأثيرها على عملية المصالحة الفلسطينية. يمكن القول إن إسرائيل تنظر إلى المصالحة الفلسطينية بتحفظ وشكوك، تعتبر بعض الجهات في إسرائيل أن المصالحة قد تعطي الفصائل الفلسطينية القوة والكفاءة السياسية التي قد تؤثر سلبًا على أمن إسرائيل، هذا الموقف ينبع من المخاوف الأمنية والتاريخية التي ترتبط بالصراع الطويل بين الجانبين.
إسرائيل تروج لمفهوم "السلام الأمني" وفي هذا السياق، تعتبر إسرائيل أن أي اتفاق يتم تحقيقه يجب أن يكون مستندًا إلى ضمانات أمنية صارمة، بما في ذلك التحكم في الأمن والتواجد العسكري في المناطق الفلسطينية، هذا الموقف يعتبره البعض عرقلة للمصالحة الفلسطينية، حيث يعتبرون أنه يفرض قيودًا وعراقيل على السيادة الفلسطينية المستقلة، لأن إسرائيل تعتبر أن المصالحة الفلسطينية يجب أن تشمل اعتراف الفصائل الفلسطينية بوجود إسرائيل كدولة يهودية، هذا المطلب يُعَدُّ أمرًا حساسًا بالنسبة للفصائل الفلسطينية، حيث يعتبرون أنه يمس بقضية حق العودة لللاجئين الفلسطينيين والمسلمة على التوافق الوطني الفلسطيني.
وفي بعض الأحيان، تستخدم إسرائيل وسائل سياسية واقتصادية لعرقلة عملية المصالحة الفلسطينية، قد يتضمن ذلك فرض العقوبات والاستقطاعات المالية على السلطة الفلسطينية، ومنع وجود وزارة خاصة تخص المعتقلين الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، ومنع دفع مخصصات لذوي الشهداء والمعتقلين، بالإضافة الى تعزيز الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشن الحروب ضد فصائل محددة. هذه الأمور تخلق حالة من التوتر خاصة بين السلطة الفلسطينية، التي تمثل عمودها الفقري حركة فتح، وبين حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وأيضا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. التماهي مع الإجراءات الإسرائيلية من قبل السلطة الفلسطينية، تعتبرها الفصائل الفلسطينية معيقات لتحقيق التوافق وإنهاء الانقسام الفلسطيني.
يمكن القول إن موقف إسرائيل من المصالحة الفلسطينية كان معقدًا ورافضا منذ تم التوقيع على اتفاقية اوسلو، وقد ساهم في عرقلة عملية التوافق بين الفصائل الفلسطينية، هناك عوامل تسهم في خوف إسرائيل من عودة الفلسطينيين للوحدة، وهذا الأمر يعكس الوضع السياسي والأمني المعقد والذي قد ينجم عنه في نهاية المطاف الى حل سياسي بين إسرائيل والقوى الفلسطينية، مما يزيد التخوف الإسرائيلي بالتهديدات الأمنية، وقد تشمل هذه التهديدات احتمالية عودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين بشكل جماعي إلى مناطقهم الأصلية، مما يمكن أن يؤدي إلى تغيير ديموغرافي في المنطقة، مما سوف ينعكس بالتأكيد على زيادة الاضطرابات الأمنية المستقبلية. في هذا السياق يجب ان لا ننسى الامر المعقد المتعلق بالتوترات الدينية والثقافية بين الجانبين في زيادة الخوف من التغييرات الناتجة عن عودة الفلسطينيين، حيث يتداخل الجانب الديني مع الجوانب القومية والثقافية في هذا الصراع المعقد، ومن المهم أن نلاحظ أن هذا الخوف مرتبط بسياق تاريخي وسياسي وديني محدد، وهو قابل للتطور والتغيير بناءً على التطورات السياسية والاجتماعية في المنطقة.
محاولات حثيثة لأداء طقوس الطهارة اليهودية - آلاء رمزي داود
طهارةٌ وبقرات حمراء... أسماءٌ تضعنا أمام تساؤلاتٍ عديدة، منها ما علاقة الطهارة بالبقرات الحمراء؟ وهل تختلف عن غيرها؟ وما هو مدلولها الديني بالنسبة لليهود؟ وماذا عن الاعتقاد بأنها طهارة للشعب اليهودي؟ وهل هناك أهداف سياسية دينية مُبطنة وراء هذه الطقوس؟ أم هل هي حقاً بداية مخطط خطير لتهويد القدس والمسجد الأقصى؟!
بداية البقرة الحمراء تعني ذات الجلد البني المُحْمر، ولا يجوز ان يكون فيها شعرة واحدة من لون مُختلف، وبحسب المعتقدات الدينية لليهود، يذبحونها لتطهير نجاسة الميت.
وما هي نجاسة الميت؟!
من الضروري ان نتطرق الى قوانين النجاسة والطهارة في اليهودية، فالنجاسة أنواع ولكل منها قيود خاصة، ومن ضمنها نجاسة الميت أي كل من لامس ميتاً او بقي تحت سقف واحد مع ميت سواء كان شخص او أداة او اواني، يُصبح بذلك مصاباً بنجاسة الميت، فلا يُسمح لهذا الشخص بالدخول لحائط المسجد الأقصى أو الصلاة أو أداء الطقوس فيه، ولا حتى أكل الأطعمة المقدسة لديهم. ومن اجل ان يتخلص الشخص او أي أداة لامست ميتاً من هذه النجاسة، يجب ان يمر بعملية تطهير تشمل الرش بالمياه المقدسة.
المياه المقدسة وفقا لليهودية، هي عبارة عن مياه عين أو نبع مختلطة برماد بقرة حمراء ذبحها كاهن واحرقها في احتفال خاص امام المسجد الأقصى. وهذه البقرة الحمراء -وفقاً لتوراة اليهود المُحَرّف- صعب الحصول عليها؛ بسبب الشروط المعقدة التي يجب ان تستوفيها، ومن ضمنها ان تكون حمراء نقية لا عيب فيها، بِكر، تبلغ من العمر سنتين او أكثر، كما انه يتم استبعاد البقرة إذا استُخدِمت لأي غرض آخر، والعديد من الشروط المعقدة التي تُفقد البقرة صلاحيتها لذبح التطهير.
يُقام احتفال خاص على جبل الزيتون بالقدس المحتلة، ويتم خلاله ذبح البقرة بحيثُ تسيل دمائها باتجاه المسجد الأقصى وفق طقوس معينة يقوم بها اليهود، ومن ثم حرقها لتُصبح رماد، وخلط رمادها بالماء المأخوذ من النبع، يُطهرون بها نجاسة الأشخاص والأشياء بحسب اعتقادهم. فأين يكمن الخطر في أداء هذه الطقوس؟؟
منذ قرابة عام تم استيراد خمس بقرات حمر من ولاية تكساس الأمريكية، كان عُمر كل منها نصف عام، أي انها تبلغ من العُمر الآن عام ونصف، وبحسب السن الشرعي لذبحها وفق معتقدات اليهود في التوراة عامين او أكثر، أي انها في نهاية هذا العام 2023 تكون قد بلغت العامين أي انها صالحة للذبح، إذا بقيت كافة الشروط مستوفاة فيها؛ لان ظهور أي عيب فيها يُخرجها من صلاحيتها للذبح. فضلا عن الظروف السياسية والأمنية، فقد تصبح هذه البقرات صالحة للذبح ولأداء طقوس الطهارة التي يترتب عليها ظروف خطيرة على المسجد الأقصى. فمن السيناريوهات المحتملة ان يحصُل قًبيّل ذلك تصعيداً سياسياً وأمنياً يَكون سبباً اساسياً في تأجيل طقوس الذبح والتطهير؛ لان دولة الاحتلال هي دولة أمنية بالدرجة الأولى.
وبالنظر لأبعاد هذا الموضوع فإن أثرهُ المباشر سيرجع على المسجد الأقصى من حيث نوعية الاقتحامات، فاذا رجعنا سنوات للخلف كانت الاقتحامات قليلة جداً، حيث كُنا نسمع عن هذه الاقتحامات بين الشهر والآخر، وليس بشكل يومي، وتطورت هذه الاقتحامات في العام 2006 حيث كانت بالعشرات مع التطور والازدياد التدريجي والملحوظ للمستوطنين الى ان وصل قرابة المئة مستوطن، ففي ذكرى خراب الهيكل من هذا العام اقتحم المسجد الأقصى في اليوم نفسه حوالي الفين ومئة مستوطن في وقت واحد.
التغير الذي قد يحصل على قضية المسجد الأقصى المبارك بعد ذبح البقرات الحمراء، وأداء طقوس التطهير، أن عدد المقتحمين للمسجد الأقصى سيرتفع بشكل كبير جدا، حيث ستصبح اجتياحات وليست اقتحامات؛ لأن أعداد من اليهود بشكل عام والمتدينين بشكل خاص يرون ان المسجد الأقصى محرم عليهم؛ بسبب النجاسة، لذلك اقتحامات المسجد الأقصى الآن تقتصر على جماعات المعبد والتي تسمى الصهيونية الدينية او اليهود المتدينين وعددهم لا يتجاوز ثلاثة آلاف عنصر،
فلك ان تتخيل إذا تمت طقوس الطهارة، وشارك بقية اليهود من الحريديم والاشكيناز والسفرديم وحتى اليهود خارج فلسطين ممن يرغبون في زيارة المسجد الأقصى، أي انَّ كتلة بشرية ضخمة تتجاوز مئات الآلاف ستشارك في الاقتحامات، وهذا العدد الكبير بدوره سيكون مُبرراً لقضاء ساعات طويلة في باحات الأقصى، والحصول على هامش من الحرية لممارسة طقوسهم الدينية هناك.
خطورة أداء هذه الطقوس تَكْمُن في حسم التقسيم الزماني الفعلي للمسجد الأقصى، وليس فقط في فترة محدودة -كالفترة الصباحية مثلا- كما كانت عليه، وانما قد يمتد لفترات المساء ولأيامٍ متتالةٍ، وبالتالي سيُصبح التقسيم المكاني -أي اقتطاع جزء من المسجد الأقصى- وتحويله الى كنيس سيصبح سهل جداً، ولهُ أسبابهُ من وجهة نظرهم.
وهنا ينتابني السؤال الأهم، كيف يُمكن ان يكون التصدي لهذا المُخطط الخطير كي لا يُصبح واقعاً؟ إن السكوت على جرائم العدو وتغوله الواضح والصريح هو بمثابة جريمة ووصمة عار على جبين زعماء العرب الذين تخلوا عن مقاومتهم في سبيل ومقدساتهم وكرامتهم، وكان التطبيع وفقاً لمصالحهم على حساب القضية الفلسطينية.
ربما ينبغي على كل عربيّ وفلسطينيّ على حدٍ سواء، أن يشُدّ الرحال الى المسجد الأقصى الذي بات الخطر يتربص له، فنحن أصحاب البيت ويسهل اقتحام وتدنيس البيت حينَ يكونُ البيت فارغاً من اهله، فهناك في القدس حوالي نصف مليون مقدسي يستطيعون التواجد في المسجد الأقصى، بالرغم من تعرضهم لمختلف صور الانتهاكات من هدم للبيوت وسحب الهويات، وحتى إبعادهم خارج حدود القدس؛ لكن هذه الكتلة البشرية قادرة على قلب الموازين وضرب أمن دولة الاحتلال. كما انه من الضروري ان يتَّحِد العالم العربي والإسلامي تحت راية تحرير المسجد الأقصى واسناد اهله المرابطين، ووقف التهويد الصهيوني في ظل حكومة اليمين المتطرف. كما يجب على كل عربي ومسلم تأييد أشكال المقاومة والتحرر على ارض فلسطين، والتذكير بواجب المسلمين في الرباط على ارض الرباط؛ وإننا على يقين بتحرير المسجد الأقصى، وهذا وعدُ الله "وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ".
الاستيطان الاسرائيلي يقضى على حلم الدولة الفلسطينية - أنسام القطاع
هل فعلا نحن في مرحلة السقوط إلى الهاوية، أم سقطنا؟ عن أي مستقبل لحل الدولتين نتحدث في ظل التوسع الاستيطاني وزيادة عدد البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلة؟ فما تزال سياسة التوسع الاستيطاني التي تتبعها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، تشكل عائقًا أمام حل الدولتين، فعقب النكسة عام 1967، باشرت إسرائيل ببناء المستوطنات في محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.
ويقوم خيار "حل الدولتين" على إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، بحيث تعيش الدولتان (الفلسطينية، والإسرائيلية) جنبًا إلى جنب بـ "سلام".
هذه الرؤية تم إقرارها في قرار مجلس الأمن 242 بعد حرب 1967 وسيطرة إسرائيل على باقي أراضي فلسطين التاريخية، إضافة إلى أن بعض الفصائل الفلسطينية اعتمدت هذه المبادئ في عام 1974 بالبرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني، والذي عارضته بعض الفصائل الفلسطينية حين ذاك، حيث شكلت ما يعرف بجبهة الرفض، وأصبحت فيما بعد مرجعية المفاوضات في اتفاق أوسلو عام 1993الذي عقد بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
مما لا شك فيه، أن الاستمرار في بناء المستوطنات الإسرائيلية يمثل انتهاكا صارخًا للقانون الدولي، ويقوض إمكانية تحقيق حل الدولتين. اعداد المستوطنين الإسرائيليين على أراضي عام 1967، بما فيها شرقي القدس قد بلغ 726 ألفا و427 مستوطنا، موزعين على 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية، أقيمت 10 منها خلال عام 2022، بالإضافة إلى بؤرتين تمت شرعتنهما حديثا من قبل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.
في السنوات الأخيرة أصبح خبر بناء مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية يمر في الاعلام المحلي والدولي كأنه خبر عادي، ولم يعد الاستهجان والرفض والادانة هي الصبغة التي تعود سماعها في السابق المواطن الفلسطيني، وانما مثل هذه الاخبار أصبحت تمر مرور الكرام. خلال عام 2022 لوحده، صادقت حكومة الاحتلال على 83 مخططًا لبناء 8288 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، و2635 وحدة بالقدس المحتلة. حتى ادانة السلطة الفلسطينية أصبحت باهتة ولا تغيير في الامر شيئاً.
إسرائيل تسعى بكل ما تستطيع من قوة لإنهاء فكرة حل الدولتين، وذلك عبر توسيع رقعة الاستيطان في الضفة الغربية، خاصة مدينة القدس الشرقية، واستمرار عملية التهويد والتنكيل الذي تقوم بها إسرائيل بشكل مستمر، وهذا دليل قاطع على أن إسرائيل لا تنوي الانسحاب من الأراضي التي احتلتها ابان حرب عام 1976، ولا تنوي القبول بأي حل لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ، خاصة أن هناك هاجس لدى الإسرائيليين متعلق بالخطر الديمغرافي، إضافة إلى أنها تسعى إلى استيطان واحتلال أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، وصولًا إلى تحقيق حلم دولة إسرائيل العظمى.
في بداية شهر يوليو لعام 2023 صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام لجنة الخارجية والأمن ب الكنيست الإسرائيلي أنه "يجب العمل على اجتثاث فكرة إقامة الدولة الفلسطينية، وقطع الطريق على تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولة مستقلة لهم" وهذا التصريح يؤكد للعالم أجمع أن مشروع حل الدولتين لم يعد قائمًا وأصبحت الفكرة من الماضي، وأظهر للعالم حقيقة نوايا الاحتلال الرافضة للشرعية الدولية والقانون الدولي وأن دولة الاحتلال الاسرائيلي لا يريد تحقيق السلام.
في حقيقة الامر ومنذ اتفاقية أوسلو، لم تكن الحكومات المتعاقبة في إسرائيل معنية بقيام دولة فلسطينية، وتحقيق مبدأ حل الدولتين، وأن العملية السياسية والتفاوضية وصلت إلى طريق مسدود بفعل إجراءات إسرائيلية خلقتها على ارض الواقع، من اجل عدم اية فرصة، وأي امل مستقبلي لإنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وخاصة مدينة القدس بتهويد المنطقة العربية بمزيد من المستوطنين، وبقرار توحيد القدس الصادر من الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 30 يوليو عام 1980.
بعض الأصوات الفلسطينية أصبحت تنادي بحل الدولة الواحدة، وهو طرح قديم جديد، بعد أن احتضر مشروع حل الدولتين. المقترح قائم على انهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتحقيق مفهوم حل الدولة الواحدة على كامل فلسطين التاريخية لشعبين، ذات قوميتين مختلفتين، بحيث يكون للسكان العرب واليهود مواطنة وحقوق متساوية في الكيان الموحد. بينما يتبنى البعض هذا التوجه ويرى به الحل الأمثل، فإن البعض الأخر يرى أنه صعب أن يتحقق في ظل ان إسرائيل ترفض هذا المقترح على الدوام، خشية التحولات الديمغرافية في المستقبل لصالح السكان العرب، وهو ما سوف يؤثر بقوة على يهودية دولة إسرائيل، وفي حقيقة الامر هناك أغلبية إسرائيلية ترفض خيار حل الدولة الواحدة أكثر من رفض خيار حل الدولتين.
طرح الدولة الواحدة تقدمت به الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1970 ضمن رؤيتها الاستراتيجية لتحرير فلسطين، فكرة إنشاء دولة وطنية ديمقراطية في فلسطين يعيش فيها العرب واليهود كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات وتشكل جزءًا لا يتجزأ من الوجود الوطني العربي الديمقراطي التقدمي المتعايش بسلام مع كل قوى التقدم في العالم. المؤلفة "فانينا شارفيت باروخ"، خبيرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي طرحت في كتابها الصادر عن معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، عدة نماذج محتملة لحل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من أهمها: دولة موحدة تغطي كامل الإقليم الجغرافي دون أي حدود داخلية، الحكم الذاتي الفلسطيني من خلال دولة على أرض فلسطينية مستقلة، دولة فدرالية واحدة مقسمة إلى مقاطعتين يهودية وفلسطينية، بسلطات واسعة، لكن الحكومة المركزية تحتفظ بالسلطات الوطنية، كونفدرالية، وهي نموذج يوجد فيه تقسيم إلى دولتين: فلسطينية ويهودية بحدود محددة مفتوحة بينهما، بينما تُنشَأ حكومة على المستوى الكونفدرالي، تجمع بين صناع القرار الإسرائيلي والفلسطيني، وتجعل القرارات في مجالات محددة مثل: الأمن والتجارة. هذا ما تحدث به أيضا الكاتب د. عدنان أبو عامر في كتابه "عرض كتاب بدائل إسرائيلية جديدة لحل الدولتين مع الفلسطينيين".
ولكن هنا يبقى التساؤل: في ظل انعدام حل الدولتين، ما هو الحل الحقيقي العادل والمستدام لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
هل تمتلك إسرائيل تكنولوجيا القضاء على " الذئاب المنفردة"؟ - مي أبو حسنين
القاعدة السياسية، أنًها لا تقبل الفراغ. لكن ربما هذا الفراغ، صنعته دولة الاحتلال الإسرائيلي، بإغلاقها الباب أمام الحل السياسي مع الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني " منظمة التحرير الفلسطينية" التي مدت يدها للسلام وعقدت مع دولة الاحتلال، سلسة من الاتفاقيات على أمل أنً تفضي في نهاية المطاف، بقيام دولة فلسطينية تعيش بسلام وأمن إلى جوار دولة الاحتلال؛ تنفيذًا لمبدأ حل الدولتين. وخلق الفراغ حين أعلنت إسرائيل وقف المفاوضات في العام 2014 إلى إشعار آخر؛ بذريعة أنً الرئيس الفلسطيني لا يسيطر على كافة المناطق الفلسطينية. وأنها لن تفاوض حكومة تعد " حماس" جزء منها. واستبدلت الحل السياسي في السنوات اللاحقة، بإدارة الواقع الذي خلق وبتقديم حول أمنية واقتصادية في محاولة لتصدير رواية للعالم وكأن القضية الفلسطينية إنسانية وليست سياسية، لشعب تعرض لتهجر قسري من أرضه إبان نكبة 1948 ونكسة 1967.
لكن؛ الشباب الفلسطيني الذي يجد الأفق السياسي مغلقًا أمامه، وأمام استحالة انخراطه بشكل منظم في الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية بعد تجريف بنيتها التنظيمية إبان عملية السور الواقي في الضفة في العام 2002. ملأ هذا الفراغ السياسي، فابتدع في أكتوبر 2015، وحتى يومنا هذا انتفاضة جديدة، عمادها "العمليات الفردية "التي تفشل المنظومة الأمنية لإسرائيل في التنبؤ بها وتحدث لها الصدمة، بجرأة منفذيها رغم قلة إمكانياتهم في الميدان.
وأمام فشل دولة الاحتلال في وقف هذه العمليات الفردية استوردت من الغرب مصطلح " الذئاب الفردية" في محاولة بائسة لوصمهم بالإرهاب القائم على أسباب عقائدية وأيدلوجية. لكن فكرة " أسود الوطن"- وهو مصطلح شعبي فلسطيني مناهض لتشويه نضالات الشباب الثائر ضد الاحتلال الإسرائيلي- انتشرت في صفوف الشباب الفلسطيني، ربما بدون تخطيط منظم للأمر، بالنظر إلى أعمار المنفذين التي تتراوح ما بين 17 إلى 29 عامًا. فالجرأة والعنفوان والتضحية في تقديم الذات فداءً للوطن، أسباب رئيسية تفسر انتشار الفكرة كالنهار في الهشيم في صفوف الشباب الفلسطيني.
فكرة " أسود الوطن" التي تجاوزت الفصائلية، تجد في نفس الوقت حاضنة شعبية معنوية، وكذلك فصائلية من خلال مباركة عمليات الشباب المقاوم، دون تبنيها. لكن إسرائيل أمام فشلها في مواجهة هذه الظاهرة، توجه أصابع الاتهام لفصائل المقاومة في غزة، خاصة حماس والجهاد الإسلامي، بتشكيل خلايا صغيرة للعمل المقاوم، وتتهم إيران بإغراق الضفة بالأموال مما ساهم في تطوير الأسلحة المستخدمة في " العمليات الفردية" بأسلحة أتوماتيكية وليس سلاح " الكارلو" البدائي فقط، ولا تستثني السلطة الفلسطينية التي تعمل ليلًا ونهارًا على إضعافها من تحميلها للمسؤولية أيضًا؛ باتهامها بغض الطرف عن المقاومين هناك.
وأمام تصاعد عمليات المقاومة " أسود الوطن" التي عمادها الشباب في الضفة الغربية والقدس المحتلة، تمعن إسرائيل في تجريب الحلول الأمنية لمواجهة رفض الفلسطينيين لسياسية الضم والاستيطان، وتسعي لتكرار سيناريوهات جاءت بردود عكسية عليها، فعمليًا هي تدرس ثلاثة سيناريوهات لمواجهة " أسود الوطن" تقوم على توجيه ضربات مؤلمة للأجنحة العسكرية؛ في محاولة لإقناع الرأي العام الإسرائيلي أنها تفعل شيئًا لوقف سلسلة الهجمات ضدهم خاصة المستوطنين.
السيناريو الأول: الذهاب لاستهداف المقاومين في مدن شمال الضفة الغربية بالمسيرات التي تحمل صواريخ مفخخة؛ في محاولة لإرهابهم وتقليص تحركاتهم، وأما السيناريو الثاني، الذهاب لاستهداف مقاومين من قطاع غزة، خاصة من الجهاد الإسلامي وحماس من الأسرى المحررين الذين تتهمهم إسرائيل بالاتصال بالمقاومين في الضفة في محاولة لتشكيل خلايا هناك تربط الضفة وغزة تنفيذّا لمبدأ وحدة ساحات المقاومة. أما السيناريو الأخير وهو الأخطر، محاولة لاستهداف القيادة السياسية والعسكرية لقيادات المقاومة من الجهاد وحماس التي تتركز في لبنان وتركيا وقطر وإيران، الامر الذي سيخلط الأوراق بشكل كبير ومن المتوقع أنً تكون ردة الفعل متمثلة برفع وتيرة العداء والعمليات الموجهة اجاه كل ما هو صهيوني.
الحلول الأمنية الإسرائيلية التي توصف من قبل الكثيرين " بالجنونية"، لا ولن تولد إلا دائرة متصلة من العنف والعنف المضاد، سياسية تورثها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لبعضها البعض؛ لكن الجديد في حكومة الثلاثي نتنياهو سموترش وبن غفير، أنها تجد بسياستها التوسعية الاستيطانية الاحتلالية في الضفة الغربية والأغوار، وكذلك محاولات ما يسمى " إقامة جبل الهيكل" مكان المسجد الأقصى المبارك، في اعتداء صارخ على المقدسات الإسلامية بالإضافة إلى محاولة تغيير "الوضع الراهن القائم" في القدس الذي أبرمته الدولة العثمانية من خلال فرمان عام 1852، والمعروف باسم " الاستاتيكو" حيث تجد الحكومة الحالية فرصتها الذهبية التي لا تعوض، بهدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان المزعوم. وعليه، سوف ستواصل حلولها الأمنية المتوقع فشلها كسابقاتها. رغم يقينها بعدم جدوها لذلك؛ نجد المستوى السياسي في حكومة نتنياهو ينتقد المستوى العسكري في محاولة للتغطية على فشلها في وقف ظاهرة " أسود الوطن".
المتوقع أنً تنفذ دولة الاحتلال، إحدى السيناريوهات سابقة الذكر، أو الثلاث مجتمعة، إذا اتيحت لها الفرصة؛ ولكن النتيجة ستكون في اعتقد الغالبية العظمي للمجتمع الفلسطيني هو " صفر كبير". فلن توقف المقاومة وخاصة " أسود الوطن" التي تنفرد بصعوبة ملاحقتها فلا هرم تنظيمي لهم، ولا سجل أمني سابق تستطيع من خلاله ملاحقتهم؛ رغم إصرارها على مواصلة سياسية الاعتقال الإداري؛ بذريعة وجود خطر أمني لهم. إلا إذا كانت تستطيع أن تبتكر تكنولوجيا تدخل إلى عقل كل شاب فلسطيني وتعرف بما يفكر؟! وهذا طبعًا من دربًا من الخيال، لذلك سيواصل الشباب مقاومتهم وربما يبتكر الشعب الفلسطيني أساليب أخرى في سبيل نيل استقلاله وتحديد مصيريه، فهل تبقى إسرائيل على حلولها الأمنية الفاشلة! نعم.هذا منتهي الغباء والصلف والغرور.
هل العداد الذكي للكهرباء نعمة أم نقمة؟ - مروة أبو حطب
تقوم فكرة العدادات الذكية على توفير الكهرباء طوال اليوم في الشقق السكنية، بواقع ثماني ساعات وصل كامل بقيمة نصف شيكل على الكيلووات، يتبعها ثماني ساعات وصل ولكن بقدرة 2 امبير فقط، تكفي للإنارة فقط، ولكن بتكلفة ثلاثة اضعاف السعر الطبيعي. على الرغم من ان العدادات الذكية توفر الكهرباء طوال اليوم، الا ان الكثير من العائلات والأسر الفقيرة في قطاع غزة تطالبُ بوقف مشروع "العدادات الذكية"، بسبب تكاليفه العالية جدا مقارنة مع أوضاعهم الاقتصادية. هنا يطرح السؤال نفسه: هل العداد الذكي للكهرباء نعمة أم نقمة؟
في نظرة سريعة على واقع كهرباء غزة، فإن سكان قطاع غزة يعانون من انقطاع التيار الكهربائي المستمر، منذ بدأ الحصار الإسرائيلي عام 2006 حيث دخلت أزمة الكهرباء ذروتها، والتي عادة ما تتفاقم في أوقات الذروة خلال فصلي الشتاء والصيف، فيما يبلغ عدد ساعات القطع أكثر من 12 ساعة متواصلة، تزامنًا مع عدم توفر حلول وبدائل تنهي هذه الأزمة من جذورها وتعثر كل المحاولات الجادة لإنهاء ازمة الكهرباء المستمرة منذ أكثر من 17عاما، والتي يعولها البعض انها ازمة سياسية مفتعلة، بالإضافة الى البعد المالي الانشائي، سواء بشراء كمية كهرباء إضافية من إسرائيل او توسيع محطة انتاج الكهرباء في قطاع غزة. إسرائيل رفضت بشدة زيادة الكمية ورفضت فكرة تطوير محطة توليد الكهرباء.
بالإضافة إلى مشكلة الانقطاع المستمر للكهرباء، فإن ملف "العدادات الذكية" التي أدخلته شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة منذ عام 2018، واتسعت نطاقها خلال العام الماضي، أصبحت مصدرًا رئيسيًا للغضب بين سكان القطاع، بسبب التكلفة العالية التي يدفعها المواطن نظير حصوله على كهرباء متواصلة ولكن بتكلفة تقدر بثلاثة اضعاف التكلفة الطبيعية للكيلو الواط الواحد، حيث يدفع المواطن ما قيمته شيكل ونصف على كل كيلوواط، ويقدم له كهرباء بقدرة 2 امبير فقط.
في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، واعتماد ما يقارب من 81% من السكان على المساعدات الإغاثية، حسب إحصاءات الاونروا ، بالإضافة إلى عدم انتظام صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية و المنحة القطرية المخصصة للعائلات الفقيرة، لا يعقل وليس من المنطق ان يتم تقديم خدمة الكهرباء بتكلفة ثلاثة اضعاف التكلفة الطبيعية، وارجاء ذلك الى ان هذه عدادات ذكية.
من المؤكد ان خطوة تركيب العداد الذكي هي محاولة لمواكبة التطور الحاصل في العالم وتقليص حجم الاستهلاك، من خلال نهج يجبر المواطنين على التقنين في استهلاكه للكهرباء، وذلك من خلال الية الدفع المسبق لتكلفة الكهرباء الشهرية، وقد جاءت هذه الخطوة بعدما تخلف عدد كبير من المواطنين عن دفع الاشتراك الشهري لفاتورة الكهرباء، خاصة بعد ارتفاع نسبة الفقر والبطالة بين السكان وبفعل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها غزة بفعل الحصار المستمر منذ 17 عاماً، الأمر الذي دفع إلى تراكم الديون المستحقة على المواطنين لصالح الشركة.
فمشروع العدادات الذكية يُلغي عمليات الدفع المفوترة وينتقل بموجبه المشترك لنظام عداد مسبق الدفع يُلزم المشتركين فيه دفع ثمن الكهرباء قبل استهلاكها، وهو الأمر الذي أثقل كاهل العديد من العائلات الفقيرة والتي لا تستطيع دفع قيمة الكهرباء، بفعل عدم توفر مصدر دخل لهم، إضافة لمعاناة بعضهم الآخر من البطالة.
الحالات الاجتماعية الصعبة، تم توفير ما قيمته 50 شيكل كهرباء يتم شحنها تلقائيا في العدادات الذكية، ولكن بعد ذلك هذه العائلات لا تستطيع ان تدفع فاتورة الكهرباء الشهرية، ولا تستطيع ان تدفع مبالغ إضافية لشحن كارت العدادات الذكية، بالإضافة الى ان غالبية هذه البيوت عليها متراكمات سابقة، وعند شحن العدادات الذكية يتم خصم ما قيمته 25% من الديون المتراكمة السابقة على هذه البيوت. بالطبع جاءت خطوة العدادات الذكية نقمة على هؤلاء المواطنين، لأنه يمكن ان تتوفر لديهم كهرباء طوال اليوم، ولكن يجب ان يتم دفع التكلفة مسبقا.
على ضوء هذه الخطوة التي اتخذتها شركة توزيع الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، تزايدت مطالب المواطنين بضرورة تجميد الديون المستحقة خلال الفترة الحالية، بسبب تردي الأوضاع المعيشية، غير أن شركة الكهرباء لم تستجب لذلك.
المواطن الغزي يعيش بين مطرقة العدادات الذكية، وسنديان انقطاع الكهرباء. اما ان يدفع التكاليف العالية للعدادات الذكية للخط 2 امبير، واما ان يقبع تحت وطأة انقطاع التيار الكهربائي المستمر والذي يصل في بعض الأحيان لمدة 12 ساعة متواصلة، في ظل عمق موجات الحر الشديدة، حيث لا تصل الكهرباء للمنازل لأكثر من 4 إلى 6 ساعات متواصلة يتولها انقطاع يصل من 8 الى 12 ساعة، مما أدى إلى تلف المواد الغذائية، وجعل حياة المواطن العزي جحيماً، فأكثر من مليوني فلسطيني يقطن أغلبهم في منازل متواضعة ومتلاصقة داخل مخيمات وأحياء هذا الشريط الساحلي الصغير والمحاصر منذ عام 2006.
بحسب معطيات سلطة الطاقة في غزةـ وشركة توزيع الكهرباء، فأن قطاع غزة يحتاج الى ما يقارب 540 ميغاوات كهرباء، في حين ان المتوفر حاليا ما يقارب اقل من النصف فقط. حيث يعتمد قطاع غزة على ثلاثة مصادر أساسية للحصول على الكهرباء: أولها محطة توليد الكهرباء التي توفر في أقصى طاقة إنتاجها 70 – لغاية 120 ميغاواط، وخطوط الكهرباء الإسرائيلية التي توفر طاقة كهربائية تبلغ 120 ميغاواط، والخطوط المصرية التي توفر طاقة تبلغ 23 ميغا واط؛ وهذه الخطوط متوقفة منذ عام 2018.
أشار بيان صادر من شركة توزيع الكهرباء، بأن الشركة قامت بتركيب أكثر من (50 ألف) عداد ذكي في القطاع لنحو (300 ألف) مشترك، وقال إنّ العدادات الذكية تدفع المواطن لتقنين استخدامه للكهرباء، إذ إن الشركة وبناء على دراسة أجرتها، تبين أن الاستهلاك انخفض لحوالي (35-40%)"، مما يعني أن العداد أثبت جدواه، بحسب رؤيتهم.
على ضوء ذلك، تتزايد تساؤلات المواطنين حول سبب توفير طاقة من قبل الشركة بقيمة مالية تزيد على ثلاثة أضعاف سعرها الأصلي، بدلاً من أن يجري التخفيف من الأعباء الملقاة على كاهلهم في ظلّ الظروف المعيشية القاهرة التي يعيشونها تحت الحصار؟.